ج ١، ص : ٥١٤
المفردات :
لا يَحْزُنْكَ : لا يؤلمك هؤلاء. يُسارِعُونَ أى : يقعون في الكفر بسرعة ورغبة، والمراد أنهم ينتقلون مسرعين من بعض فنون الكفر إلى بعض آخر.
فِتْنَتَهُ : اختباره حتى يظهر ما تنطوى عليه نفسه. لِلسُّحْتِ : الخبيث من المكاسب، وهو في اللغة : الهلاك والشدة، وسمى المال الحرام سحتا لأنه يسحت الطاعات والبركات، أى يذهبها.
سبب النزول :
روى أبو داود أنه زنى رجل وامرأة من اليهود، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا إلى هذا النبي فإنه بعث بالتخفيفات، فإن أفتى بفتيا دون الرجم قبلناها، واحتججنا بها عند اللّه، وقلنا : فتيا نبي من أنبيائك، قال : فأتوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وهو جالس في المسجد مع أصحابه فقالوا : يا أبا القاسم : ما ترى في رجل وامرأة زنيا، فلم يكلمهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حتى أتى بيت مدارسهم، أى : مدارسهم فقام على الباب فقال :« أنشدكم باللّه الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن ؟ فقالوا : يحمم وجهه، أى : يوضع عليه السواد، ويجبه - يحمل الزانيان على حمار مع تقابل أقفيتهما ويطاف بهما - ويجلدان، قال : وسكت شاب منهم يقال له ابن صوريا، فلما رآه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ألظ به النشدة - ألح في سؤاله - فقال ابن صوريا : اللهم إذ أنشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال الرسول : فإنى أحكم بما في التوراة فأمر بهما فرجما - انتهى كما في القرطبي.
ورويت روايات أخرى كلها تدور حول إنكارهم الحكم، وعبثهم بالشريعة والتوراة.
المعنى :
يرشدنا اللّه - سبحانه وتعالى - إلى أدب الخطاب مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله : يا أيها الرسول، حتى لا نناديه، كما كان يفعل بعض الأعراب، ولقد كان نداء أفاضل الصحابة،


الصفحة التالية
Icon