ج ١، ص : ٨٠٤
صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي » فذكر الحديث (و هو المسمى بحديث الشفاعة) إلى أن قال :« وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي »
والنفل : الزيادة عن الواجب، ألا ترى إلى صلاة النوافل ؟ ذاتَ بَيْنِكُمْ : حقيقة ما بينكم، والبين من معانيه : الاتصال، والمراد : الوصلة الإسلامية وإصلاحها ويكون بالأمور التي تحققها من مودة وإخاء وترك النزاع والجفاء. وَجِلَتْ : فزعت وخافت.
سبب النزول :
عن عبادة بن الصامت : نزلت فينا معشر أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه اللّه من أيدينا فجعله لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقسمه بين المسلمين على السواء، وكان في ذلك تقوى اللّه وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين.
وروى أبو داود والنسائي عن ابن عباس أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا »
فأما الشيوخ فثبتوا تحت الرايات، وحول رسول اللّه، وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم، فقال الشيوخ للشبان : إنا كنا لكم ردءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا. فاختصموا إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت.
المعنى :
لقد وقع خلاف بين المسلمين في غنائم بدر فسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أهي للمهاجرين أم للأنصار ؟ أهي للشبان أم للشيوخ ؟ أم لهم جميعا ؟ فقيل له : قل لهم : إن حكمها للّه خاصة ويقسمها الرسول على حسب أمر اللّه فلا رأى لأحد، وفي هذه الآية إجمال بيّن في آية وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ... [سورة الأنفال آية ٤١].
وللإمام أن ينفل من شاء من الجيش بما شاء تحريضا على القتال وإثارة للنفوس كما
ورد :« من قتل قتيلا فله سلبه »
وهذا النفل زيادة عن سهمه في الغنيمة.
وإذا كان الأمر كذلك فاتقوا اللّه واجتنبوا ما أنتم فيه من شجار ونزاع وخلاف، فإن هذا يغضب اللّه لا سيما في حالة الحرب وأصلحوا ذات بينكم من الأحوال حتى تتحقق الوصلة الإسلامية فتكونوا في ألفة ومحبة واتفاق، وفي ذلك تقوى اللّه، وطاعة


الصفحة التالية
Icon