ج ١، ص : ٨٨٤
عنه : مجاهدته وتوطين النفس على عدم الاستسلام له. كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى المراد : كلمة الكفر والشرك ودولتهم. كَلِمَةُ اللَّهِ هي كلمة الإسلام ودولته.
هذه الآيات، من هنا إلى آخر السورة، نزلت في غزوة تبوك تقوى من عزم المؤمنين وتكشف عن ستر المنافقين، وتبين أحكاما كثيرة لازمة لجماعة المسلمين، وتعاتب من تخلف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وغزوة تبوك كانت في السنة التاسعة للهجرة بعد رجوع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من غزوة حنين والطائف وكان المسلمون في عسرة وضيق، وقد حان قطاف الثمر عندهم وظهور الموسم.
لهذا كره بعض المسلمين الخروج إلى القتال خصوصا بعد ما أعلن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم اتجاهه ومقصده في الغزوة وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [سورة البقرة آية ٢١٦].
أما سبب الغزوة فهو استعداد الروم والقبائل العربية المنتصرة من لخم وجزام لقتال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حيث أعدوا جيشا كثيفا لغزو المدينة فهي حرب دفاعية لا هجومية « هكذا غزواته وحروبه صلّى اللّه عليه وسلّم ولما لم يجد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من يقاتله عاد بلا هجوم، وتبوك : مكان في منتصف الطريق تقريبا بين المدينة ودمشق.
المعنى :
يا أيها الذين اتصفتم بالإيمان، واهتديتم بالقرآن الكريم : مالكم متثاقلين حين قال لكم رسولكم الأمين : انفروا في سبيل اللّه ولإعلاء كلمته ؟ ! ماذا عرض لكم مما يتنافى مع الإيمان وكماله حين قال لكم الرسول : انفروا في سبيل اللّه لقتال الروم ؟ الذين تجهزوا لقتالكم والإغارة عليكم فتثاقلتم عن النهوض، وتباطأتم عن الحرب. مخلدين إلى الأرض وراحتها ولذتها ؟ ! وآية الإيمان جهاد وعمل، ونشاط وجد إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [سورة الحجرات آية ١٥].
أرضيتم بالحياة الدنيا ولذتها الفانية وعرضها الزائل بدلا من سعادة الآخرة ونعيمها المقيم ؟ !، إن كان الأمر كذلك فقد استبدلتم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فما متاع


الصفحة التالية
Icon