ج ٢، ص : ١٠٧
المفردات :
فَلَعَلَّكَ لعل تكون للتوقع وترجى المحبوب، وهي في قوله - تعالى - لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ للإعداد والتهيئة. وقد تكون للتعليل كما في قوله : لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى وللاستفهام الشامل للإنكار منه كما في هذه الآية والمراد النفي أو النهى أى : لا تترك ضائِقٌ عارض لك ضيق الصدر والمراد الحرج والألم كَنْزٌ ما يدخر من المال في الأرض والمراد المال الذي يناله بغير كسب.
لا يزال الكلام من أول السورة في القرآن وحال الناس معه، وما يلاقيه الرسول منهم من غم وضيق صدر، وما يتبع ذلك من التحدي المثبت للوحى.
المعنى :
أتارك أنت أيها الرسول بعض ما يوحى إليك مما يشق سماعه على المشركين من الأمر بالتوحيد والنهى عن الشرك، والإنذار لهم والنعي عليهم ؟ !! وضائق به صدرك، وتتألم له نفسك من تبليغهم كل ما أنزل إليك والمراد بالاستفهام النفي أى : لا يكن منك ذلك كراهة أن يقولوا : لو لا أنزل عليه كنز يغنيه عن التجارة والكسب، ويكون دليلا على صدقه، أو جاء معه ملك من السماء يؤيده في دعواه، وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً. أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها [سورة الفرقان الآيتان ٧ و٨].
إن عناد المشركين وجحودهم وإعراضهم مع شدة اهتمام النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بإيمانهم يفضى بحسب شأنه إلى ذلك لو لا عصمة اللّه - سبحانه - لنبيه وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا [الإسراء ٧٤]. اقرأ معى قوله - تعالى - : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ [المائدة ٦٧].
لا يهمنك قولهم، وطلبهم منك هذا، إنما أنت نذير تبلغ كل ما أنزل إليك ولا عليك شيء بعد هذا سواء أرضى الناس أم غضبوا، واللّه على كل شيء وكيل فهو الموكل بالعباد والرقيب عليهم والمجازى لهم فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [سورة الغاشية الآيتان ٢١ و٢٢] نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [سورة ق آية ٤٤].