ج ٢، ص : ٢١٦
بعد أن صدر السورة الكريمة بذكر الآيات القواطع الدالات على أنه على كل شيء قدير، وأن البعث والإعادة مما يدخل تحت القدرة. تعرض لبعض أقوالهم المنافية تماما لهذه المقدمات.
المعنى :
وإن تعجب يا محمد من قولهم في إنكار البعث فقولهم حقيق بالعجب جدير به إذ من قدر على رفع السماء بلا عمد، ثم استوى على العرش، وسخر الشمس والقمر إلى آخر الآيات السابقة سواء كانت علوية أم أرضية، من قدر على ذلك وعلى غيره، ولم يعي بخلقهن قادر بلا شك على أن يحيى الموتى بل هو أهون عليه!! إذن إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب، والعجب : تغير نفسي عند خفاء السبب، وهو محال على اللّه فالمراد تعجب الرسول ومن حوله من المؤمنين.
قالوا : أإذا كنا ترابا ؟ !! أننا لفي خلق جديد ؟ قالوا مستبعدين ومحيلين البعث بعد أن كانوا ترابا ؟ !! أى أنبعث بعد أن كنا ترابا ؟، فكان جزاؤهم على هذا..
أولئك الكاملون في الضلال المتمادون في الكفر والعناد هم الذين كفروا بربهم وأولئك هم المصرون على ما هم عليه فلا أمل فيهم البتة، وينظر إلى هذا قول الشاعر العربي لهم عن الرشد أغلال وأقياد وقيل المعنى : أولئك يغلون يوم القيامة بالأغلال إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [سورة غافر الآيتان ٧١ و٧٢].
وأولئك هم أصحاب النار الملتزمون لها دائما هم فيها خالدون إلى ما شاء اللّه.
ويستعجلونك بالسيئة والعذاب الذي أنذرتهم به، استهزاء بك وتكذيبا لك قبل الحسنة من الإمهال أو الإيمان، ولا غرابة فهم القائلون اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الأنفال ٣٢].
يستعجلونك بالعذاب وقد خلت من قبلهم المثلات، وحلت بمن سبقهم العقوبات لما كذبوا واستعجلوا العذاب، وإن ربك لذو مغفرة للناس حالة كونهم ظالمين، نعم