ج ٢، ص : ٢١٧
هو يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئة، وقد كتب على نفسه الرحمة لمن يتوب توبة نصوحا، وإن ربك لشديد العقاب لمن أصر على الذنب ولم يرجع نادما على ما فعل وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى ٤٠] وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت ٤٦].
ومع هذا كله يقول الذين كفروا : لو لا أنزل عليه آية من ربه! لم يكتفوا بالآيات التي نزلت على محمد صلّى اللّه عليه وسلم.
عجبا لهم وأى عجب ؟ ! ألم يكفهم أن اللّه أنزل القرآن حجته الباقية وآيته الخالدة فقيل لرسول اللّه تطمينا لقلبه : إنما أنت منذر ورسول، وما عليك إلا البلاغ، فلا يهمنك أمرهم ولا تعبأ به، لم يكتفوا بالقرآن وطلبوا معجزة موسى وعيسى من انقلاب العصا حية وإحياء الموتى، فرد اللّه عليهم بقوله : لكل قوم هاد من الأنبياء يأتى إليهم ومعه معجزة تتلاءم مع طبيعتهم وفنهم الذي برعوا فيه وقيل المعنى : إنما أنت رسول، ولكل قوم هاد هو اللّه - سبحانه وتعالى - يلجئهم إلى الخير وحده لا دخل لأحد غيره.
من مظاهر علمه وحكمته [سورة الرعد (١٣) : الآيات ٨ الى ١١]
اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١)