ج ٢، ص : ٢٢٢
من هيبته وجلاله. وما أجهلك يا ابن آدم إنك لظلوم جهول يسبح الجماد في الأرض والسماء وتسبح الملائكة رهبة من جلاله، وأنت يا ابن آدم خلقت من مادة وروح ففيك شيء من الجماد وشيء من الملائكية (الناحية الروحية) ومع هذا فكثير منكم يا أبناء آدم لا تسبحون ولا تعبدون اللّه وحده.
وهو يرسل الصواعق المحرقة المبيدة فيصيب بها من يشاء من خلقه.
والحال أن الكفار مع هذا كله يجادلون في للّه - سبحانه وتعالى - وفي رسوله وفي الحساب والجزاء وهو شديد المحال شديد البطش والكيد لأعدائه شديد الحيلة ينزل بأعدائه عذابه من حيث لا يشعرون، وهو القادر على أن ينزل عليكم العذاب من فوقكم ومن تحت أرجلكم فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ [سورة النمل آية ٥١].
له - سبحانه وتعالى - دعوة الحق، ودعاء الصدق، له وحده العبادة ومنه الاستعانة، وإليه التضرع وعليه التوكل، إذ هو وحده له دعوة الحق. سبحانه وتعالى، فهو الخالق والمبدئ والمعيد، والرحيم الودود، ذو العرش المجيد، فعال لما يريد، جل شأنه، وتباركت أسماؤه والذين يدعونهم من دونه كالأصنام والأوثان والأحجار والمعبودات لا يستجيبون لهم بشيء وكيف يستجيبون ؟ وهم أضعف من الضعف، بل إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب، هؤلاء الشركاء لا يستجيبون لهم بشيء مما يريدونه من نفع أو إزالة ضر إلا استجابة كاستجابة الماء لمن بسط كفه إليه من بعيد ليبلغ فاه وهو عطشان فهل يجيبه الماء ؟. إنه لا يجيبه لأنه جماد لا يعقل دعاء، ولا يشعر به.
وما دعاء الكافرين أصنامهم، وما عبادتهم لهم إلا ضلال وخسران : وضياع وهلاك.
وللّه وحده - تبارك وتعالى - يسجد من في السموات والأرض من الملائكة والإنس والجن يسجدون سجود انقياد وامتثال طائعين إن كانوا مؤمنين ومكرهين إن كانوا كافرين.
نعم للّه يسجد ما في السموات وكل ما في الأرض من حيوان ونبات وجماد وإنسان وجن وملك، كلهم خاضعون منقادون للذي خلقهم وفطرهم بقدرته وإرادته.