ج ٢، ص : ٢٥٦
وبرزت الخلائق جميعا للّه الواحد الأحد العالم بالغيب والشهادة برزوا للحساب.
وقد كان الكفار العصاة يفعلون الفعل وهم يظنون أن اللّه لا يراهم فها هم الآن يراهم الكل لأنهم بارزون ظاهرون خاضعون للّه.
فقال الضعفاء في العقل والتفكير كالأتباع والعوام : للذين استكبروا كالقادة والزعماء : إنا كنا لكم تابعين مقلدين في الأعمال، فكذبنا الرسل وكفرنا باللّه متابعة لكم ومشايعة لرأيكم، فهل أنتم دافعون عنا بعض الشيء الذي هو عذاب اللّه ؟
قال القادة المتبوعون مقرين بذنبهم : لو هدانا اللّه ووفقنا الى الخير لهديناكم وحملناكم على الهداية وسلوك الطريق الحق.
كان عتاب الضعفاء للمستكبرين عتاب جزع وقلق فقيل لهم : يستوي عندنا جزعنا وصبرنا، إن اللّه قد حكم بين العباد فما لنا من محيص ولا مهرب ولا منجى من عذاب اللّه وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ [سورة غافر الآيتان ٤٧ و٤٨] رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً [سورة الأحزاب الآيتان ٦٧ و٦٨].
وتلك مناظرة أخرى وحوار بين الشيطان وأتباعه.
وقال الشيطان، لما قضى الأمر وأدخل اللّه أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار قال لأتباعه في النار :
إن اللّه وعدكم وعد الحق، وعدكم على ألسنة رسله، وقوله الحق ووعده الصدق وعدكم بالبعث والجزاء.
ووعدتكم أنا أنه لا جنة ولا نار، ولا حشر ولا حساب، ولئن كان شيء من ذلك فشفعاؤنا من الآلهة تشفع لنا وتمنعنا فأخلفتكم الوعد، واتبعتم زخرف القول منى، وباطله، وتركتم وعد ربكم الحق يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً [سورة النساء آية ١٢٠].
يا سبحان اللّه! هذه مقالة الشيطان لأتباعه يوم القيامة يرويها لنا الحق - تبارك وتعالى - في ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه ولا شك، يا حسرة على أتباع الشيطان ويا خيبتهم!