ج ٢، ص : ٣١٦
المعنى :
بعد ما ثبت أن كل ما في الكون خاضع للّه - سبحانه وتعالى -، ومنقاد لأمره أتبع ذلك بالنهى عن الشرك، ببيان بعض فضائح العرب المشركين وأعمالهم علهم يرجعون ويثوبون إلى رشدهم.
وقال اللّه - سبحانه - : لا تتخذوا إلهين اثنين إنما اللّه إله واحد فالألوهية منحصرة في الذات الأقدس - جل جلاله -.
وقد يقال : ما فائدة زيادة اثنين بعد قوله إلهين، وزيادة واحد بعد قوله إله ؟ وقد قالوا في الجواب : إن الزيادة لأجل المبالغة في التنفير من اتخاذ الشريك حيث قال :
إلهين اثنين، وكانت زيادة (واحد) دفعا لتوهم أن المراد إثبات الألوهية دون الوحدة، وخلاف المشركين منصب على الوحدة في الإله.
إن كنتم ترهبون شيئا في الوجود فإياى وحدي فارهبون.
وكيف لا يكون ذلك ؟ وللّه كل ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا وعبيدا وتصريفا، وله الدين والطاعة، والإيمان والإخلاص ثابتا. واجبا دائما، إذ ليس لأحد أن يطاع، إلا انقطع ذلك بهلاكه أو زوال ملكه، إلا اللّه - سبحانه وتعالى - فطاعته دائمة ثابتة واجبة.
أفغير اللّه بعد ذلك تتقون وتخافون ؟ ؟ ؟
وما بكم من نعمة أيّا كان لونها وجنسها فمن اللّه وحده. فعلى العاقل ألا يشرك باللّه، وألا يعبد إلا اللّه، وألا يتقى إلا اللّه.
ولكن الإنسان يتلون، ولا يتجه الوجهة الصحيحة وهو غارق في بحار النعمة ولذا يقول اللّه : ثم إذا مسكم الضر في نعمة من صحة أو ولد أو مال فإلى اللّه - سبحانه - تجأرون، وتتضرعون في كشف الضر عنكم، إذ لا يكشف الضر إلا هو، ثم إذا كشف الضر عنكم، ورفع ما نزل بكم عاد بعض أفراد الإنسان إلى طبعه، وإذا فريق منكم يا بنى آدم يشركون بربهم، ألست تعجب من فعل هؤلاء حيث يضعون الشرك باللّه الذي أنعم عليهم بكل نعمة، وكشف عنهم ما نزل بهم من ضر جعلوه مكان


الصفحة التالية
Icon