ج ٢، ص : ٣٥٠
المفردات :
سُبْحانَ أصل المادة مأخوذة من قولهم سبح في الماء أو الأرض أى : أبعد وتوغل، ومنه فرس سبوح أى تبعد بصاحبها ففي المادة معنى البعد، والتنزيه فيه بعد عن النقائص، وبعد عن صفات العجز، ولذا قالوا : إن سُبْحانَ علم على التنزيه والتقديس والتسبيح، ولا يستعمل إلا في الذات الأقدس - سبحانه وتعالى - أَسْرى وسرى لغتان في السير ليلا.
المعنى :
سبحان اللّه أسرى بعبده محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وما أبعد الذي له هذه القدرة القادرة. ما أبعده عن النقائص والسوء ذاتا وفعلا وحكما، واعجبوا أيها المخاطبون من قدرة اللّه على هذا الأمر الغريب!! وآمنوا بهذا المجد العالي وهذا الشرف السامي للحبيب المصطفى صلّى اللّه عليه وسلم.
سبحانه وتعالى، وتقديسا له وتنزيها عن كل نقص لأنه الذي أسرى بعبده في جزء من الليل بسيط من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام الذي باركنا فيه بنزول الأنبياء حوله، وباركنا فكان فيه الماء والخضرة والزرع والضرع. سرينا به لنريه بعض آياتنا، وما زاغ البصر في ذلك وما طغى، ولقد رأى من آيات ربه الكبرى ولا عجب في ذلك كله أنه - سبحانه - هو السميع لكل قول، البصير بكل نفس، الذي يضع الأمور في مواضعها حسب الحكمة، ووفقا للحق والعدل، وهو أعلم بخلقه وسيجازى من يؤمن بالإسراء ومن يكفر بها إذ هو السميع البصير.
هذا هو محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من نسل إسماعيل، وهذا الشرف السامي للعرب ولأمة محمد في كل زمان ومكان، شرف الإسراء ولقيا اللّه، وإمامة الأنبياء جميعا، وأما ولد إسحاق أخى إسماعيل وهم بنو إسرائيل الذين يدعون أنهم شعب اللّه المختار، وأنهم نسل الأنبياء والمرسلين، وأنه لا يكون نبي من غيرهم فقد تكلم القرآن الكريم عليهم بعد هذا الفخار العظيم الذي كان لمحمد وأمته حتى توضع الأمور في نصابها وحتى تعرف كل أمة قدرها.
وآتينا موسى الكليم نبي بنى إسرائيل الكتاب : التوراة، وجعلناه هدى وهداية لعلهم يهتدون، ولئلا يتخذوا من دوني وكيلا يفوضون إليه أمرهم، ويعاملونه معاملة الإله.