ج ٢، ص : ٣٧٤
عنهما نهيا معللا بقوله : إنك لن تخرق الأرض إذا سرت عليها ولن تبلغ بتطاولك الجبال وهذا تهكم بالمتكبر والمختال.
كل ذلك المتقدم من قوله : لا تجعل مع اللّه إلها آخر إلى هنا كان سيئه مكروها عند ربك ومبغوضا عند العقلاء من الناس.
ذلك إشارة إلى ما تقدم من قوله : لا تجعل مع اللّه إلها آخر إلى هنا بعض ما يوحى إليك ربك من الحكمة، حقّا إنه هو الكلام المحكم الذي لا دخل فيه للفساد أبدا.
أليس هذا المجتمع الذي يعيش على هذه النظم مجتمعا فاضلا كريما ذا عزة وقوة وفضل ونبل هو المجتمع الإسلامى الذي يدعو إليه الإسلام وأما نحن وأعمالنا فلسنا حجة على الإسلام في شيء.
ولا تجعل مع اللّه إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما من اللّه والملائكة والناس جميعا مطرودا من رحمة اللّه وقد كرر هذا النهى للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه فإن من لا قصد له بطل عمله ومن قصد بفعله غير اللّه ضاع سعيه وخاب ظنه.
ولما أمر بالتوحيد ونهى عن الشرك أتبعه بذكر من أثبت الولد له - تعالى - خصوصا إذا كان الولد أنثى!! أيكرمكم ربكم فيخصكم بالبنين ويتخذ من الملائكة إناثا له ؟
أيعقل هذا إنكم لتقولون قولا عظيم إثمه كبير جرمه تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى فإنكم تكرهون البنات وتحبون الذكور فكيف تقسمون الأولاد هكذا الذكور لكم والإناث للّه.
وبعد هذا البيان الجامع لأسس الخير والفلاح يقول اللّه ممتنا على عباده : ولقد صرفنا في هذا القرآن. وبينا فيه كل شيء ليذّكّروا ولكن ما يزيدهم ذلك إلا عتوا ونفورا واستكبارا في الأرض ومكرا وما كان جزاؤهم في ذلك إلا سعيرا وحميما.
الرد على من يدّعى للّه شريكا [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤)