ج ٢، ص : ٥٨٩
لَهُدِّمَتْ خربت، وقيل : عطلت الصلاة فيها صَوامِعُ وهي : صوامع الرهبان، وقيل : هي خاصة بالصابئين، وَبِيَعٌ جمع بيعة. وهي كنيسة النصارى، صَلَواتٌ : هي كنائس اليهود وأصلها بالعبرية صلوتا فعربت، وَمَساجِدُ هي أماكن الصلاة للمسلمين وإن كانت الأرض كلها جعلت للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم مسجدا وتربتها طهورا لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ والقوى القادر على كل شيء، والعزيز الذي لا يغلبه غالب.
ولما ذكر اللّه - سبحانه وتعالى - صد الكفار للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن الحج، ومنعهم له من دخوله الحرم - وبهذه المناسبة بين بعض ما يلزم في الحج ومناسكه، وما فيه من منافع في الدنيا والآخرة - أتبع ذلك ببيان ما يزيل الصد والمنع، وما يجعل المسلمين أعزة أحرارا أقوياء...
المعنى :
إن اللّه يدافع عن الذين آمنوا، ويدفع عنهم شر أعدائهم، وينصرهم، ويؤيدهم على عدوهم، وإن اللّه لا يحب كل خوان للعهد، كفور بالنعم، يذكر غير اللّه، ويتقرب بذبيحته لصنم أو وثن، وكان المشركون المعاصرون للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم تنطبق عليهم تلك الأوصاف.
كان المشركون يؤذون النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وصحبه الكرام بألسنتهم وأيديهم إيذاء شديدا حتى شكا الصحابة لرسول اللّه ذلك، فكان
يقول لهم :« اصبروا فإنّى لم أومر بالقتال »
وظل الحال ينتقل من شدة إلى شدة، حتى هاجر المسلمون إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كذلك، فأنزل اللّه - سبحانه - بالمدينة آيات القتال، وكانت أول آية نزلت : قوله تعالى : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وهي مقررة أيضا لمضمون قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، فإذا إباحة القتال لهم، وكونهم يصمدون في الحرب ضد الكفار، بل ويهزمونهم دفاع من اللّه عنهم، ونصر مؤزر لهم!.
أذن للذين يقاتلون، أى : أذن لهم من اللّه في قتال من يقاتلهم ويعتدى عليهم، وسبق له أن أخرجهم من ديارهم وأموالهم، وسامهم سوء العذاب. وذلك بسبب


الصفحة التالية
Icon