ج ٢، ص : ٦٠
المنى الحي خرج من الغذاء الميت، ويخرج اللّه الفضلات والهشيم من الإنسان والنبات وهو ميت خرج من حي، والمراد من ذلك كله إثبات القدرة الكاملة لله - سبحانه وتعالى - وأنه خالق الموت والحياة.
وفي التفسير المأثور أراد الحياة والموت المعنويين ومثلهما أخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
ومن يدبر الأمر، ويصرف الكون ؟ ومن صاحب هذا النظام المحكم في كل شي ء ؟
وفي كل شيء له آية تدلّ على أنه الواحد
فسيكون جوابهم عن هذه الاستفهامات الخمسة : أن الفاعل لذلك كله هو اللّه رب كل شيء، لا جواب غيره، ولا مجال للمكابرة في ذلك.
فقيل لهم : أتعلمون هذا فلا تتقون أنفسكم عذابه، ولا تتقون عقابه لكم عن شرككم وعبادتكم لغيره مما لا يملك نفعا ولا ضرا!! فذلكم الذي يفعل ما ذكر هو اللّه ربكم خالقكم ومدبر أمركم، هو الحق الثابت بذاته الحي القيوم، لا إله غيره ولا معبود سواه.
وإذا كان هو ربكم الحق الذي لا ريب فيه المستحق للعبادة دون سواه فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ !! فالقول بألوهية غيره باطل، وعبادة غيره ضلال.
وإذا كان الأمر كذلك فكيف تصرفون، وتتحولون عن الحق إلى الباطل ؟ وعن الهدى إلى الضلال ؟ !! كذلك حقت كلمة ربك أى : مثل ذلك حقت به كلمة ربك أيها الرسول، وثبتت في وحدة الربوبية والألوهية، وأنه ما بعد الحق إلا الضلال. حقت كلمته على الذين فسقوا وخرجوا من نور الفطرة، وحظيرة الهدى والحق، أنهم لا يؤمنون بما ينزله اللّه على ألسنة الرسل، وليس المعنى أنه يمنعهم - سبحانه - بل المراد أنهم يظلون على العناد والاستكبار وعدم الإيمان فهم لا يؤمنون.
قل لهم أيها الرسول : هل من شركائكم الذين عبدتموهم مع اللّه أو من دون اللّه، أو اتخذتموهم شفعاء عنده يقدر على بدء الخلق في طور ثم إعادته في طور آخر ؟ سواء كان صنما أو وثنا أو كوكبا أو ملكا أو بشرا من الرسل أو غيرهم.