ج ٢، ص : ٦١٣
وغير ذلك مما يكره فعله في الصلاة باعتبار القانون الشرعي، وفي الواقع هذا مما يضيع الصلاة ويجعلها شيئا لا روح فيه، ولقد صدق رسول اللّه حيث رأى رجلا يلعب في لحيته وهو يصلى
فقال :« لو سكن قلب هذا لسكنت جوارحه ».
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ اللغو هو الباطل، وما لا خير فيه ولا فائدة منه والمؤمن حقيقة هو الذي يشعر بثقل الرسالة التي كلف بها، ويشعر بالواجب عليه نحو نفسه ووطنه ودينه، ويشعر تماما بأن في عنقه أمانة هو محاسب عليها، لا يهدأ، ولا يسكن حتى يقوم بها. ومن كان كذلك كان معرضا عن اللهو، والمجون والعبث وضياع الوقت في غير المجدي.
وانظر يا أخى إلى أن هذا اللغو دأب أفراد الأمم المتأخرة المتكاسلة، وإلا فالوقت مهما طال فهو أقل بكثير مما عليك من واجب وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً.
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ يظهر واللّه أعلم أن المراد بالزكاة مطلق الإنفاق في سبيل اللّه، وإلا فالزكاة الشرعية المحددة النصيب لم تفرض إلا في السنة الثانية للهجرة وكانوا في مكة يؤمرون بالإنفاق المطلق، ألا ترى إلى قوله - تعالى - في سورة الأنعام الآية ١٤١ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وفي سورة فصلت وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ [الآيتان ٦ و٧].
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ نعم هم الذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلم يقعوا فيما نهاهم اللّه عنه من زنا ولواط واستمناء باليد، لا يقربون سوى زوجاتهم التي أحلها اللّه لهم، أو ما ملكت أيمانهم من السراري التي أخذت في الحروب لا التي شاعت في القرون السابقة، وكانت تباع في الأسواق، فالشرع لم يحلل الرق إلا في صورة واحدة هي في حروب الإسلام مع الكفار فتقسم النساء على المحاربين إكراما. لهم، مع أن الدين حض في كل مناسبة على تحرير الرقاب، ولم يكن الرق واجبا حتميا بل جعله في يد الإمام يفعله متى يشاء وعلى ذلك فلنا أن نحرمه الآن لما يترتب عليه.
ومن تعاطى ما أحله اللّه فلا لوم عليه ولا حرج، فمن ابتغى وراء ذلك أى غير الأزواج والإماء فأولئك هم المعتدون المتجاوزون، وعلى ذلك حرم نكاح المتعة، والاستمناء باليد.