ج ٢، ص : ٨٧١
المفردات :
الرَّجْفَةُ الزلزلة يقال رجف يرجف أى اضطرب جاثِمِينَ باركين على اركبهم ميتين سابِقِينَ فائتين غير مدركين حاصِباً ريحا حاصبا أى : فيها حصباء يقال حصبه يحصبه إذا رماه بالحصباء الصَّيْحَةُ الصرخة الشديدة.
المعنى :
وإلى مدين أرسلنا لهم أخاهم شعيبا فدعاهم إلى الإيمان باللّه وقال لهم : يا قوم اعبدوا اللّه ربكم مالكم من إله غيره، وارجوا اليوم الآخر أى : افعلوا ما ترجون به العافية في يوم الحساب والجزاء، وإياكم والفساد في الأرض، فإن عاقبته وخيمة.
فكذبوه ولم يؤمنوا به فأخذتهم الصيحة بالعذاب فارتجفت قلوبهم واضطربت حيث لا ينفع الاضطراب والخوف، وأصبحوا في ديارهم جائمين على ركبهم ميتين كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ؟ فهل من مدكر ؟ وأهلكنا عادا لما أرسلنا لهم أخاهم هودا يدعوهم إلى الإيمان باللّه ورسله، فكذبوا وكفروا، وأهلكنا ثمود لما أرسلنا لهم أخاهم صالحا يدعوهم إلى عبادة اللّه فكفروا به وكذبوه.
وها أنتم أولاء يا أهل مكة، ويا مشركي العرب قد تبين لكم ذلك، أى : إهلاكهم وهم قد زين لهم الشيطان أعمالهم فكانت عاقبة أمرهم خسرا، وكانوا مستبصرين أى :
عقلاء أصحاب فكر ونظر ولكنهم لم ينتفعوا بذلك!! أفليس من العقل والحكمة أن تعتبروا وتتعظوا بهؤلاء.
وأهلكنا قارون لما طغى ولم يمتثل أمر اللّه، وأهلكنا فرعون وهامان، ولقد جاءهم موسى بالبينات من عند ربهم فاستكبروا في الأرض، ولكنهم ما كانوا سابقين وفائتين بل أدركهم أمر اللّه وبطشه إن بطش ربك لشديد.
فكلا من هؤلاء وهؤلاء أخذنا بذنبه إذ كل نفس بما كسبت رهينة فمنهم من أرسلنا عليه ريحا حاصبة أهلكته وهم قوم لوط إنهم كانوا قوما يعملون الخبائث، ومنهم من أخذته الصيحة بالعذاب كمدين وثمود، صيحة ترجف الأرض منها والجبال فكانت