ج ٣، ص : ٣١٤
وكيف تتكبرون عن عبادة اللّه الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ؟ فاللّه الذي خلق لكم الليل لتستريحوا فيه وتسكنوا من وعثاء الطريق، ومتاعب الحياة حتى يعود الإنسان نشيطا مجدا مقبلا على عمله بالنهار الذي جعله ربه مبصرا فيه وفيه الضوء والحركة والنشاط.
يا سبحان اللّه!! لو خلقت الدنيا بلا ليل أو خلقت بلا نهار كيف الحال.. ؟ وكيف نعيش ؟
يا رب : هذا الليل المظلم وهذا النهار المبصر ينشآن من حركة واسعة، ونظام دقيق محكم فأنت يا رب الواحد القهار الذي لا يعجزه شيء في السموات والأرض، إن اللّه لذو فضل على العالمين. ولكن أكثر الناس لا يشكرون، ومن كان هذا شأنه أنجادل في قدرته على البعث، ونقول : من يحيى العظام وهي رميم ؟
ذلك اللّه - جل جلاله - خالق كل شيء، فاطر السموات والأرض واهب الوجود لا إله إلا هو، فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره من الأحجار والأوثان ؟ !! وهذا كالنتيجة لما تقدم.
مثل ذلك الإفك العجيب الذي لا أساس له ولا سند من عقل أو منطق سليم يؤفك الذين كانوا بآيات اللّه يجحدون.
اللّه الذي جعل لكم الأرض قرارا : مستقرا أو مكانا، وجعل السماء كالبناء، وهذا بيان فضله - تعالى - المتعلق بالمكان بعد بيان فضله في الزمان، ثم تعرض لفضله المتعلق بالإنسان فقال : صوركم فأحسن صوركم، ورزقكم من الطبيات الطاهرات، ذلكم اللّه ربكم فتبارك اللّه، وتزايد فضله. وتكامل خيره، وهو رب العالمين، أى : مالكهم ومربيهم، هو الحي حياة ذاتية، لا إله إلا هو، ولا معبود بحق في الوجود سواه. إذا كان الأمر كذلك فادعوه واعبدوه مخلصين له الطاعة صادقين في النية.
ولما كان موصوفا بصفات الجلال والعزة، ومنعوتا بالإنعام الكامل على خلقه استحق لذاته أن يقال : الحمد للّه رب العالمين.


الصفحة التالية
Icon