ج ٣، ص : ٣٢٤
المفردات :
حم تقرأ كأخواتها حاميم، ومن جهة المعنى فاللّه أعلم به وإن كان الظاهر أنها كأداة الاستفتاح التي يؤتى بها لتنبيه المخاطب لخطر ما بعدها، أو هي مسوقة لتأكيد إعجاز القرآن وتحديه لهم كما سبق فُصِّلَتْ : بينت وميزت أتم بيان وأروع تفصيل أَكِنَّةٍ : جمع كنان كغطاء وأغطية والكنان - وهو ما يسمى بالجعبة الذي يجعل فيه السهام وَقْرٌ : صمم حِجابٌ : ساتر، والمراد خلاف فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ :
توجهوا إليه وَوَيْلٌ : كلمة تهديد لهم، وقيل. اسم واد في جهنم مَمْنُونٍ :
مقطوع.
المعنى :
حم : هذا تنزيل من الرحمن الرحيم والرءوف بعباده الخبير البصير، كتاب وأى كتاب يدانيه ؟ هو كتاب أحكمت آياته لأنها من الحكيم العليم، وفصلت آياته وميزت لفظا بفواصلها ومقاطعها، ومبادئ السورة ونهايتها. وفصلت آياته معنى : فهذا وعد وذاك وعيد، وهذا قصص وذلك أحكام وتنظيم، وبعضها في اللّه وبيان قدسيته وكمال قدرته، وعجائب رحمته، وأحوال خلقه، وعظمة ملكوته، وهذه آيات في المواعظ تضطرب لها القلوب وتخضع لها الجباه، وهذه آيات في فلسفة الأخلاق الإسلامية، وبناء الأسرة وتكوين الجماعة، وماذا نقول ؟ إن السكوت في هذا لبيان وبلاغة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وانظر يا أخى - وفقك اللّه للخير - إلى قوله : تنزيل من الرحمن الرحيم، أى : هذا المنزل على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من الرحمن الرحيم، وفي هذا إشارة إلى تمام النعمة، وكمال الرحمة حيث نزل القرآن شفاء لما في الصدور. وهدى ورحمة للعالمين وهو تبيان لكل شيء، والجامع لكل فضل، والأساس لكل علم، وهو مفتاح السعادة وطريق النجاة، من تمسك به نجا، ومن هدى إليه سما إليه الصراط المستقيم صراط الذين أنعم اللّه عليهم ولم يكونوا من المغضوب عليهم ولا الضالين.
وكيف لا يكون القرآن فوق هذا وأكثر منه! وهو تنزيل رب العالمين الرحمن الرحيم !!