ج ٣، ص : ٣٩٨
المفردات :
يَنْكُثُونَ : ينقضون العهد الذي جعلوه على أنفسهم مَهِينٌ : ضعيف فقير فهو يمهن نفسه في قضاء حاجاته يُبِينُ يقال : أبان عن رأيه بمعنى يفصح عنه أَسْوِرَةٌ : جمع سوار، وهو حلية تلبس في اليد آسَفُونا : أسخطونا وأغضبونا سَلَفاً : قدوة لغيرهم من الكفار وَمَثَلًا : عظة وعبرة لمن يأتى بعدهم.
ولقد طعن الكفار في نبوة سيدنا محمد بن عبد اللّه، وقالوا : لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، ولقد رد اللّه عليهم مقالتهم وألقمهم حجرا، ثم بعد هذا ساق قصة موسى مع فرعون هنا عبرة وعظة وسلوى، وليعلم الناس أن ذلك سلاح قديم، وتلك مقالة - لو لا نزل هذا القرآن.. الآية - سبقهم إليها فرعون وقومه فكانت عاقبة أمرهم خسرا، ونجى اللّه المؤمنين بفضله.
المعنى :
وتاللّه لقد أرسلنا موسى، ومعه الآيات التسع - التي تقدم ذكرها في سورة الإسراء وغيرها - أرسلناه إلى فرعون وملئه ليخرج بنى إسرائيل من كيد المصريين وظلمهم حتى إذا خرجوا من مصر ونزلت عليهم التوراة وفيها هدى ونور وكانت لهم شريعة، وكان منهم المؤمنون، وكثير منهم فاسقون - كما عرفت ذلك فيما مضى - فلما أرسل موسى لفرعون وملئه قال لهم : إنى رسول رب العالمين إليكم، فطلبوا منه الآيات فلما جاءهم بها - كالعصا واليد - إذا هم منها يضحكون بسرعة وخفة، وبدون نظر ولا بحث، أى : لما جاءتهم الآيات فاجأوا المجيء بها بالضحك عليها سخرية من غير توقف ولا تأمل، وهذا المعنى الذي هو السرعة والمفاجأة بالضحك استفيد من قوله تعالى :
إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ [سورة الزخرف آية ٤٧].
ما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها، بمعنى أن كل آية تعد كأنها أكبر من أختها وزميلتها، إذ كل واحدة لكمالها في نفسها ووفائها بالغرض المقصود منها كأنها أكبر من زميلتها، كما قالت أعرابية وقد سئلت عن بنيها : أيهم أفضل ؟ فقالت :« هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها » وكما قال الشاعر :


الصفحة التالية
Icon