ج ٣، ص : ٤٣٤
كما خلقهم، ما كان لهم من شبهة - وقد سماها حجة لتمسكهم بها - هي في الواقع أوهى من بيت العنكبوت، إلا أن قالوا : ائتوا بآبائنا الذين ماتوا حتى نسألهم عما تقولون، ائتو بهم إن كنتم يا أتباع محمد صادقين.
وقد رد اللّه عليهم بقوله : قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ووجه الرد أنهم مقرون بأن اللّه أحياهم أولا ثم يميتهم ثانيا كما دلل على ذلك بالحجج والبراهين في غير هذا الموضع، ومن قدر على جمعهم يوم القيامة وخاصة بعد ما ثبت أن مبدأ الثواب والعقاب أمر ضروري توجيه الحكمة والعدالة الإلهية، وهذا اليوم لا ريب فيه في الواقع، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وكيف يستبعدون البعث أو يشكون فيه ؟ وللّه ملك السموات والأرض وحده لا شريك له يحيى ويميت، ويبدئ ويعيد. ذو العرش المجيد، فعال لما يريد، ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون منازلهم في جنات النعيم ليتمتع بها أصحابها المستحقون لها من المؤمنين.
وترى يا من يتأتى منه الرؤية كل أمة باركة على الركب مستوفزة على هيئة المذنب الخائف المنتظر جزاءه، كل أمة تدعى إلى صحيفة أعمالها التي كتبتها الحفظة الكرام البررة، والتي أحصوا بها الأعمال، والمراد أن لكل فرد من أمة صحيفة.
اليوم تجزون جزاء ما كنتم تعملون، ويقال لهم : هذا كتابنا ينطق عليكم نطقا بالحق الذي لا زيادة فيه ولا نقصان، ونطق الكتاب معناه شهادته عليهم بما عملوا لأنا كنا نأمر الملائكة ونطلب إليهم أن تنسخ الكتب وتكتب بالحق محصية أعمالكم بلا زيادة ولا نقصان.
فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى يدخلهم فيها ربهم، ذلك هو الفوز المبين الذي لا فوز وراءه.
وأما الذين كفروا فيقال لهم تأنيبا وتوبيخا : ألم تكن تأتيكم رسلكم ؟ أفلم تكن آيات ربكم تتلى عليكم ؟ فاستكبرتم عن الإيمان بها وكنتم قوما مجرمين فالآن ادخلوا جهنم جزاء لكم ومصيرا، وإذا قيل لهم : إن وعد اللّه حق، وإن الساعة آتية لا ريب فيها، قلتم : نحن ما ندري ما الساعة ؟ لا نظن إلا ظنا، وما نحن بمستيقنين إمكان