ج ٣، ص : ٤٩٠
بيده تحت الشجرة - شجرة الطلح - فبايعناه، غير جد بن قيس الأنصارى اختبأ تحت بطن بعيره، بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت، وفي رواية : بايعناه على الموت، فلما علمت قريش بأمر المبايعة خافوا وأرسلوا سهيل بن عمرو لعقد الصلح الذي سمى (صلح الحديبية)، و
كتب علىّ - رضى اللّه عنه - : بسم اللّه الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو : فما ندري ما بسم اللّه الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف :
باسمك اللهم، فكتب، وكتب بعدها : هذا ما كاتب عليه محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال سهيل : لو نعلم أنك رسول اللّه لا تبعناك ولما قاتلناك. ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :« امحه » فما استطاع أن يمحوه، فطلب النبي من علىّ أن يريه هذا.
فمحاه النبي بنفسه
، وهكذا نرى اندفاع قريش نحو جاهليتهم وحميتهم في حين أن النبي كانت تنزل عليه من ربه السكينة والطمأنينة وقد ألزمه كلمة التقوى، وكان النبي وصحبه أحق بها وأهلها، وكان هذا الصلح الذي لم يرض عنه بعض الصحابة فتحا مبينا، ونصرا عظيما للدعوة الإسلامية، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
المعنى :
لقد رضى اللّه عن المؤمنين الراسخين في الإيمان الكاملين في الإخلاص، حيث فعل معهم فعل الراضي عنهم، بما جعل لهم من الفتح المبين والتوفيق السديد، وما قدر لهم من الثواب الجزيل، لقد رضى اللّه عن المؤمنين جميعا الذين بايعوك إلا جد بن قيس الأنصارى فقد كان منافقا ولم يبايع، وفهم من ذلك أنه لم يرض عن الكفار حيث خذلهم في الدنيا، وأعد لهم سوء المصير في الآخرة، ولأجل هذا الرضا سميت تلك البيعة بيعة الرضوان.
لقد رضى اللّه عن المؤمنين إذ بايعوك تحت الشجرة، شأن الواثق بنفسه المطمئن لنصرة اللّه له، فعلم اللّه ما استقر في قلوبهم من الإيمان والإخلاص والصدق في مبايعتهم، فأنزل السكينة عليهم، وأثابهم فتحا قريبا هو فتح خيبر، وقد كان نزول هذه الآيات عند منصرف النبي صلّى اللّه عليه وسلّم هو وصحبه من الحديبية، أى : قبل فتح خيبر، فيكون هذا وعدا من اللّه وقد تحقق، وأثابهم مغانم كثيرة يأخذونها فقد كانت قرية خيبر غنية بالزروع والثمار، وكان سكانها من اليهود على جانب من الثراء، وانظر إلى ختام الآية