ج ٣، ص : ٤٩٩
نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله « ١ »، ولعل ذكر الرسول لأنه مبلغ عن اللّه وحافظ لشريعته.
واتقوا اللّه، أى : خذوا الوقاية من سخطه وعذابه باتباع أمره واجتناب نهيه والوقوف عند الحدود المرسومة التي بينها لكم، إن اللّه سميع بكل المسموعات، ويجازى بها أتم الجزاء، وهو عليم بكل المعلومات، وسيجازيكم عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وهذه الآية تقرر أصلا من أصول الدين المهمة، وهو أن الحكم للّه وحده لا معقب لحكمه وهو أحكم الحاكمين فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً وإذا كنا نهينا عن أن نتقدم اللّه ورسوله في حكم من الأحكام، فيا ويل المسلمين ويا هلاكهم! حين يتركون اليوم أمر اللّه ورسوله، ويتحاكمون إلى طواغيت الغرب وقوانينه.
من أدب الحديث مع الرسول [سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ٢ الى ٥]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
(١) - في هذه العبارة مجاز مرسل في لفظ اليدين حيث أطلقهما وأراد الجهتين المقابلتين لهما القريبتين منهما لعلاقة المجاورة، وفي العبارة كلها استعارة تمثيلية حيث استعيرت الجملة - التقدم بين اليدين - للقطع بالحكم بلا اقتداء ومتابعة لمن تلزمه متابعته تصويرا لشناعة هذا الفعل بصورة المحسوس، كتقدم الخادم لسيده.