ج ٣، ص : ٥٦٠
وزاد في بطلان شفاعة الأصنام لهم يوم القيامة فقال : وكثير من الملائكة، في السموات لا تغنى شفاعتهم ولا تنفع إلا بعد إذن اللّه لمن يشاء، واللّه لا يأذن إلا للمقربين من خلقه، فكيف تشفع الأصنام إن هؤلاء الناس الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ليسمون الملائكة تسمية الأنثى بقولهم : إن الملائكة بنات اللّه فجعلوهم إناثا، وسموهم بنات ومن أين لهم هذا ؟ أعندهم علم بذلك ؟ أم لهم كتاب يدرسون فيه هذا، بل هم لا علم لهم أبدا، وما يتبعون إلا الظن الذي لا يبنى على أساس بل على مجرد الوهم، ولا شك أن هذا الظن في مثل هذه المسائل لا يغنى من الحق شيئا من الإغناء، وإذا كان الأمر كذلك فأعرض عمن أعرض عن ذكرنا، ولم يستمع لكلامنا، أعرض عن هؤلاء، ولا تأبه بهم، ولا تجادلهم، فهؤلاء قصروا نظرهم على الدنيا، ولم يفكروا فيما بعد الموت، فشغلتهم الدنيا عن الآخرة، ذلك »
- والإشارة إلى التولي عن الآخرة وقصر النظر على الدنيا - مبلغهم من العلم، فأعرض عن هؤلاء لأن اللّه أعلم بمن ضل عن سبيله، وركب رأسه وهو أعلم بمن اهتدى، وسيجازى كلا على عمله وها هي ذي آثار قدرته الكاملة وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ له كل ذلك ملكا وخلقا وعبيدا وتصريفا، وسيجازى الذين أساءوا بعملهم، والذين أحسنوا بالمثوبة الحسنى، وتلك عاقبة أمر الخلق الذين فيهم المحسن والمسيء.
من هم المحسنون [سورة النجم (٥٣) : آية ٣٢]
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)
(١) - والجملة مسوقة لتقرير جهلهم واتباعهم الظن فهي مستأنفة، وقيل : معترضة بين العلة والمعلل، أى : بين الأمر بالأعراض وعلته.