ج ٣، ص : ٥٦٧
الشيء واستمر إذا ذهب. مُسْتَقِرٌّ أى : منته إلى غاية « ١ ». مُزْدَجَرٌ : ما يزجرهم ويكفهم يقال : زجره فانزجر وازدجر، أى : كفه فانكف. بالِغَةٌ :
واصلة غاية الإحكام لا خلل فيها نُكُرٍ : فظيع شديد تنكره النفوس.
الْأَجْداثِ : جمع جدث وهو القبر. جَرادٌ مُنْتَشِرٌ الجراد : حيوان يأكل النبات فيجرد الأرض منه، والمنتشر : الكثير التموج. مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ :
مسرعين إليه. عَسِرٌ : صعب شديد.
روى قتادة عن أنس - رضى اللّه عنهم - قال : خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد كادت الشمس تغيب فقال :« ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى »
قال الراوي : وما نرى من الشمس إلا يسيرا وثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن مسعود، وابن عمر وأنس وغيرهم أنه قال : سأل أهل مكة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم آية فانشق القمر
، ورواية البخاري : انشق القمر فرقتين، وقد كذبه أهل مكة، وقالوا : سحرنا ابن أبى كبشة فنزلت الآية : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.. وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.
المعنى :
إن الساعة آتية لا شك فيها، وكل آت قريب، ومتحقق الوقوع، وعلى ذلك اقتربت الساعة، أو صارت باعتبار نسبة ما بقي من الزمن بعد قيام النبوة المحمدية إلى ما مضى من الدنيا قريبة جدا، ولقد صدق رسول اللّه حيث يقول :« بعثت أنا والساعة هكذا »
وأشار النبي بإصبعه السبابة والوسطى، وأنت تعرف قرب ما بينهما.
اقتربت الساعة وانشق القمر، فانشقاق القمر آية ظاهرة على هذا القرب وعلى إمكانه في العقول والأذهان، وقيل : إنه آية على قرب الوقوع ومعجزة للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم كما مضى، وعلى ذلك فانشقاق القمر من معجزاته صلّى اللّه عليه وسلّم ويؤيده الحديث السابق أول الكلام، وظاهر الآيات هنا، فإن قوله تعالى : وَإِنْ يَرَوْا آي َةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ
يقتضى أن الانشقاق آية رأوها وأعرضوا عنها وكذبوا بها.
(١) وفي قراءة مستقر، أى : ذو استقرار، أو له زمان استقرار، أو مكان، فهو إما مصدر أو ظرف زمان أو مكان.