ج ٣، ص : ٦١٤
من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا ؟ « ١ » بمعنى : من ذا الذي ينفق ماله في سبيل اللّه مخلصا متحريا أكرم ماله رجاء أن يعوضه سبحانه بدله كمن يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه اللّه ويعطيه أجره على الإنفاق مضاعفا أضعافا كثيرة، وله أجر كريم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
لهذا المنفق المقرض هذا الأجر الكريم يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم، وعن أيمانهم وفي كل جهاتهم، ويقال لهم : بشراكم اليوم دخول جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك هو الفوز العظيم، وهل هناك أرفع درجة من هذا ؟ !
المنافقون يوم القيامة [سورة الحديد (٥٧) : الآيات ١٣ الى ١٥]
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥)
(١) - هذا ندب للإنفاق على صورة بديعة، يؤكد الأمر السابق، ويوبخ من يترك الإنفاق، والاستفهام ليس على حقيقته بل للحث والطلب، والعبارة فيها استعارة في الفعل (يقرض) تبعية أو استعارة في الجملة كلها استعارة تمثيلية، وسنشير في الشرح إلى ذلك.