ج ٣، ص : ٦١٥
المفردات :
انْظُرُونا أى : انتظرونا، وفي قراءة : أنظرونا، أى : أمهلونا، أو انتظرونا.
نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ : نستضيء بنوركم. بِسُورٍ : هو حائط بين الجنة والنار.
بَلى : نعم. فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ : امتحنتموها بالنفاق واستعملتموها في الفتنة.
الْأَمانِيُّ : طول الأمل وامتداد الأجل. فِدْيَةٌ : ما يفتدى به. مَوْلاكُمْ أى : أولى بكم.
المعنى :
اذكر يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا، والحال أن نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون لهم : انظرونا لعلنا نقتبس من نوركم، ونستضيء به، وذلك أنه
روى أنه يعطى المؤمنون النور يوم القيامة على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط المستقيم، ويستضيء المنافقون بنورهم ولا يعطون النور، فبينما هم يمشون على نورهم - كما كانوا يسيرون ظاهرا معهم في الدنيا - إذ يبعث اللّه فيهم ريحا وظلمة فيطفئ بذلك نور المنافقين
، ويقول المؤمنون : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا « ١ » خوف أن يسلبوا النور كما سلب من المنافقين، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواقع أقدامهم قالوا للمؤمنين : انتظرونا نقتبس من نوركم. قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً والقائل هم الملائكة أو المؤمنون، فلما رجعوا وانصرفوا يطلبون النور ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور ضخم باطنه فيه الرحمة لأنه جهة الجنة التي فيها المؤمنون، وظاهره أى :
جانبه مما يلي المنافقين من قبله العذاب.
ينادى المنافقون المؤمنين قائلين : ألم نكن معكم نصلى ونصوم ونحارب معكم ؟
قالوا : بلى! ولكنكم فتنتم أنفسكم وامتحنتموها بالنفاق واستعملتموها في الفتنة وغركم باللّه الغرور. فحقّا السعيد من لا يغتر بالطمع ولا يركن إلى الخداع، ومن ذكر المنية وهولها نسى الأمنية وما حولها، ومن أطال الأمل، قصر في العمل، بل غفل عن الأجل وجاء الغرور بالباطل، وقانا اللّه شره.
(١) - سورة التحريم آية ٨.