ج ٣، ص : ٦٩٣
بالوضع. مِنْ وُجْدِكُمْ أى : مما تجدونه، ويكون في وسعكم وطاقتكم.
وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ : ائتمر وتآمر بمعنى واحد، والمراد : تشاوروا في إرضاع الطفل، والمعروف : المسامحة والروح الكريمة. تَعاسَرْتُمْ : أصابكم إعسار واختلاف. قُدِرَ : قتر عليه في الرزق.
المعنى :
يا أيها النبي : إذا أردتم طلاق النساء فالواجب أن تطلقوهن لعدتهن، نادى اللّه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ثم خاطب الجميع بقوله : إذا طلقتم للإشارة إلى أنه إمام أمته. وسيد جماعته كما يقال : يا فلان افعلوا كذا فهو المتكلم عنهم، والآمر لهم وهم لا يصدرون إلا عن رأيه فكان هو وحده سادا مسد الجميع، ولعل اختيار لفظ النبي في هذا يؤيد هذا المعنى، وقيل : نودي أولا ثم خوطبت أمته لأن أمر الطلاق مما لا يصح توجيهه للنبي الكريم.
الطلاق جعل سلاحا في يد الزوج، ولكن يجب أن يستعمل في أضيق حدوده، ولا يشرع إلا إذا كان لا بد منه. فهو كما
يقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :« أبغض الحلال إلى اللّه الطّلاق »
وروى عن أبى موسى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :« ولا تطلّقوا النّساء إلا من ريبة - أى : بسببها - فإنّ اللّه عزّ وجلّ لا يحبّ الذّوّاقين ولا الذّوّاقات »
وعن أنس قال : قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :« ما حلف بالطّلاق ولا استحلف به إلّا منافق »
هذا الطلاق المبغوض عند اللّه يجب ألا يوقعه الزوج في حالة يزداد بها ضرر المرأة، ولذا قال الفقهاء : إن الطلاق نوعان سنى وبدعى، أما السنى فهو الذي يقع في طهر مسبوق بحيض لم تجامع فيه المرأة، والبدعى غير ذلك، والمراد في الآية أن يكون الطلاق لعدتهن أى : في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة، وهو في أى طهر لم تجامع فيه، وهذا ما يسمى بالطلاق السنى.
وأحصوا - أيها الأزواج والزوجات - العدة - فإن المرأة المدخول بها إذا طلقت طلاقا واحدا أو اثنين كان لزوجها حق مراجعتها في العدة، فإن فاتت العدة كانت خطبة من جديد إن أراد، فإن طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
واتقوا اللّه ربكم، نعم أمرنا بالتقوى وسط هذه الأوامر التي يطل فيها الشيطان برأسه، وتسرع فيها الفتنة إسراعا كثيرا قد يدعو إلى تغيير الذمة، لهذا أمرنا بتقوى اللّه