ج ٣، ص : ٦٩٤
في الطلاق وهدم البيوت، وتقوى اللّه في إحصاء العدة، وتقوى اللّه في القضاء على آمال امرأة، وربما كان لها أطفال. اتقوا اللّه أيها الناس ولا تخرجوهن، أى : المطلقات من بيوتهن التي هي ملك للزوج، ولكنها أضيفت لهن لتأكد النهى عن إخراجها من مسكنها الذي كانت تسكن فيه قبل الطلاق، ولا يخرجن، أى : النساء من تلك البيوت إلا أن يأتين بفاحشة ظاهرة تدعو إلى الإخراج كالزنا أو السرقة أو سبها لمن في البيت من الأهل والأبوين، فلو اتفق الزوجان على الخروج جاز عند بعض الأئمة.
وتلك حدود اللّه وأحكامه، ومن يتعد حدود اللّه بأن أخل بشيء منها فقد ظلم نفسه وأضر بها، إذ حدود اللّه لمصلحة الإنسان، وأنت لا تدرى، لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا، نعم أنت لا تدرى فربما كان بقاء المرأة في مسكنها مدة العدة يدعوك إلى أن تراجع نفسك وترجع عما فعلته فتراجعها في العدة، وهذا كثيرا ما يحصل، بخلاف ما لو خرجت من البيت وكثر القيل والقال. وتدخل الناس بالإفساد انقطع غالبا حبل الصلة، والمشرع حريص جدّا على عدم انقطاعه.
فإذا شارفن على آخر العدة فإما إمساك بمعروف بأن تراجعها لا للإضرار، أو تسريح بإحسان ومفارقة بمعروف،
فالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :« لا ضرر ولا ضرار ».
ويندب أن تشهدوا رجلين عدلين على الطلاق أو الرجعة حتى لا يحصل خلاف فإن الذاكرة قد تخون، والنفس قد تسول لك أمرا لا يحبه اللّه، والواجب على الشهود أن يقيموا الشهادة للّه، ويؤدوها خالصة لوجهه.
ذلكم - الأحكام - يوعظ بها المؤمنون باللّه واليوم الآخر حقا، أما غيرهم فلا يؤمنون ولا يوعظون بها.
ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا من كل شدة، ومتسعا من كل ضيق، وغنى من كل فقر، وسعادة من كل بؤس فالتقوى هي الطريق الأقوى، ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يدرى، ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه وكافيه، والتقوى والتوكل ليسا باللسان وإنما هما بالقلب، ولا يعرفهما إلا الخالق العالم فلا يطلع عليهما سواه، واللّه يقول ذلك، وهو أصدق القائلين، ولكن من ذاق عرف، ولا يعرف الشوق إلا من يكابده. قال الربيع بن خيثم : إن اللّه - تعالى - قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه، ومن آمن به هداه، ومن أقرضه جازاه، ومن وثق به نجاه، ومن دعاه أجاب


الصفحة التالية
Icon