ج ٣، ص : ٨٦٠
عن الغنى والبسطة. ثَمُودَ : قبيلة من العرب البائدة كانت تسكن الحجر بين الشام والحجاز وكان نبيها صالحا. جابُوا : قطعوا الصخر ونحتوه. فِرْعَوْنَ : ملك مصر. ذِي الْأَوْتادِ : الأبنية الثابتة ثبوت الوتد - الذي يدق في الأرض.
طَغَوْا : تجاوزوا الحد. فَصَبَّ : أنزل عليهم العقوبة. سَوْطَ عَذابٍ أصل السوط : الجلد الذي يضفر ليضرب به، والمراد به العذاب الذي ينزل بهم.
لَبِالْمِرْصادِ المرصاد : المكان الذي يقوم فيه الرصد. والرصد من يرصد الأمور ويراقبها ليقف على ما فيها من خير وشر، ويقال للحارس : رصد.
المعنى :
أقسم الحق - تبارك وتعالى - بالفجر ساعة يظهر فيه الضوء مطاردا للظلام بجحافله، وقت ينفسخ الصبح وإسفاره، لينشق النهار فينتشر الناس والحيوان، والطير والوحوش يبتغى الكل رزقا من عند اللّه وفضلا، وأقسم كذلك بالليالي العشر من كل شهر، ولا يزال الظلام فيها يغالب القمر وضوءه حتى يغلبه فيسدل على الكون حجبه وأستاره، وأقسم بالشفع من الليالى والوتر منها، وأقسم بالليل بأستاره التي تستر الكون فيختفى النهار، ويظهر الشفق في الأفق، أقسم بهذا كله ليلفت النظر إلى عجائب الكون وآثار قدرة اللّه لعلهم يتفكرون، أقسم ليقعن الكفار في قبضة القوى القادر، وليعذبهم عذابا شديدا كما عذب غيرهم من الأمم التي كذبت وكفرت، وكان عاقبة أمرها خسرا، وها هي ذي أخبارهم بالإجمال. ألم تر كيف فعل ربك بعاد بعد أن أرسل لها هودا فكذبته وكفرت باللّه. وإرم لقبها « ١ »، وكانت تسكن الخيام وتتخذ البيوت من الشعر إلا أنها كانت رفيعة العماد، قوية الجناب، لم يكن يضاهيها أحد، ولم يخلق مثلها في البلاد قوة وعددا. وقد ذكر اللّه أخبار عاد، وثمود، وفرعون، بالتفصيل في سور أخرى كالحاقة وغيرها.
أما ثمود فكانوا ينحتون من الجبال بيوتا حالة كونهم فارهين، وكانوا يقطعون الصخر وينحتونه لبناء مساكنهم، وهذه شهادة لهم بقوة العمل وسعة الفكر، وأما فرعون وما أدراك ما فرعون ؟ إنه ملك مصر وصاحب الحول والطول الذي كان
(١) هذه إشارة إلى أن (إرم) بدل من عاد وهو ممنوع من الصرف.