لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٣٢
تولج الليل فى النهار حتى يغلب سلطان ضياء التوحيد فلا يبقى من آثار النفس وظلماتها شى ء، وتولج النهار فى الليل حتى كأن شموس القلوب كسفت، أو كأن الليل دام، وكأن الصبح فقد.
وتخرج الحي من الميت حتى كأن الفترة لم تكن، وعهد الوصال رجع فتيّا، وعود القلوب صار غضا طريّا.
وتخرج الميت من الحي حتى كأن شجرة البرم أو رقت شوكا وأزهرت شوكا، وكأن اليائس لم يجد خيرا، ولم يشم ريحا، وتقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة.
وَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.
حتى لا (كدر) «١» ولا جهد ولا عرق جبين. ولا تعب يمين. ليله روح وراحة، ونهاره طرب وبهجة، وساعاته كرامات، ولحظاته قربات، وأجناس أفعاله على التفصيل لا يحصرها لسان، ولا يأتى على استقصاء كنهها عبارة ولا بيان.
وفيما لوّحنا من ذلك تنبيه على طريق كيفية الإفصاح عنه.
ويقال لما قال :«و تنزع الملك ممن تشاء انكسر خمار كلّ ظانّ أنه ملك لأنه شاهد ملكه يعرض للزوال فعلم أن التذلل إليه فى استبقاء ملكه أولى به من الإعجاب والإدلال.
ويقال الملك فى الحقيقة - من لا يشغله شىء بالالتفات إليه عن شهود من هو الملك على الحقيقة.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٨]
لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)
من حقائق الإيمان الموالاة فى اللّه والمعاداة فى اللّه.
وأولى من تسومه الهجران والإعراض عن الكفار - نفسك فإنها مجبولة على
(١) نرجح أنها (كدّ) بدون راء، ومع ذلك فالمعنى يتقبل كليهما.