لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٣٣
المجوسية حيث تقول : لى ومنى وبي «١»، وقال اللّه تعالى :«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ» «٢».
وإن الإيمان فى هذه الطريقة عزيز، ومن لا إيمان له بهذه الطريقة من العوام - وإن كانوا قد بلغوا من الزهد والجهد مبلغا عظيما - فليسوا بأهل لموالاتك، والشكل بالشكل أليق.
قوله جل ذكره : وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ صحبة الحق سبحانه وقربته لا تكون مقرونة بصحبة الأضداد وقربتهم - البتة.
«وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» : هذا خطاب للخواص من أهل المعرفة، فأمّا الذين نزلت رتبتهم عن هذا فقال لهم :«وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي...» وقال :«وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ...» إلى غير ذلك من الآيات.
ويقال :«يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» أن يكون عندكم أنكم وصلتم فإن خفايا المكر تعترى الأكابر، قال قائلهم :
و أمنته فأتاح لى من مأمنى مكرا، كذا من يأمن الأحبابا
و يقال :«يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» لأن يجرى فى وهم أحد أنه يصل إليه مخلوق، أو يطأ بساط العزّ قدم همة بشر، جلّت الأحدية وعزّت! وإنّ من ظن أنه أقربهم إليه ففى الحقيقة أنه أبعدهم عنه.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٩]
قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩)
١) وإلى هذا يشيرون حين يقولون (التوحيد إسقاط الياءات) الرسالة ص ١٤٩. لأن التوحيد الحق لا يقتضى شعورك بما سوى الموحّد، ولكن النفس مجبولة على الدعوى. وهذا شرك خفى.
(٢) سورة التوبة آية ١٢٣.