لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٣٤
لا يعزب معلوم عن علمه، فلا تحتشم من نازلة بك تسوءك، فعن قريب سيأتيك الغوث والإجابة، وعن قريب سيزول البلاء والمحنة، ويعجّل المدد والكفاية.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٣٠]
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠)
ودّ أهل الطاعات أن لو استكثروا منها، وودّ أهل المخالفات أن لو كبحوا لجامهم عن الركض فى ميادينهم، قال قائلهم :
و لو اننى أعطيت من دهرى المني وما كلّ من يعطى المنى بمسدّد
لقلت لأيام مضين : ألا ارجعي وقلت لأيام أتين ألا ابعدي
قوله جل ذكره : وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ.
الإشارة من قوله :«وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» للعارفين، ومن قوله «وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ» للمستأنفين، فهؤلاء أصحاب العنف والعنوة، وهؤلاء أصحاب التخفيف والسهولة.
ويقال لمّا قال :«وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» اقتضى أسماع هذا الخطاب تحويلهم «١» فقال مقرونا به «وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ» لتحقيق تأميلهم، وكذلك سنّته يطمعهم «٢» فى عين ما يروعهم.
ويقال أفناهم بقوله «وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» ثم أحياهم وأبقاهم بقوله «وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ»
(١) ربما يقصد القشيري تحويلهم من الخوف إلى الرجاء، فبعد أن خوفهم نفسه أطمعهم فى رافته.
٢) وردت (يطعمهم) وواضح أنها خطا فى النسخ فأصلحناه بما يلائم السياق.