لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٣٨
و يقال القبول الحسن حسن تربيته لها مع علمه - سبحانه - بأنه يقال فيه بسببها ما يقال، فلم يبال بقبح مقال الأعداء.
أجد الملامة فى هواك لذيذة حبّا لذكرك فليلمنى اللّوم
و كما قيل :
ليقل من شاء ما شاء فإنى لا أبالى
و يقال القبول الحسن أن ربّاها على نعت العصمة حتى كانت تقول :«إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا»
«و أنبتها نباتا حسنا» حتى استقامت على الطاعة، وآثرت رضاه - سبحانه - فى جميع الأوقات، وحتى كانت الثمرة منها مثل عيسى عليه السّلام، وهذا هو النبات الحسن، وكفلها زكريا. ومن القبول الحسن والنبات الحسن أن جعل كافلها والقيّم بأمرها وحفظها نبيا من الأنبياء مثل زكريا عليه السّلام، وقد أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام : إن رأيت لى طالبا فكن له خادما.
قوله جل ذكره : كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً، قالَ : يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا؟ قالَتْ : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.
من أمارات القبول الحسن أنها لم تكن توجد إلا فى المحراب، ومن كان مسكنه وموضعه الذي يتعبّد فيه وهناك يوجد المحراب - فذلك عبد عزيز.
ويقال من القبول الحسن أنه لم يطرح أمرها كلّه وشغلها على زكريا عليه السّلام فكان إذا دخل عليها زكريا ليتعهدها بطعام وجد عندها رزقا ليعلم العاملون أن اللّه - سبحانه - لا يلقى شغل أوليائه على غير «١»، ومن خدم وليا من أوليائه كان هو فى رفق الولي لا إنه

_
(١) وردت على (عين) وهى خطأ فى النسخ.


الصفحة التالية
Icon