لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٤١
و يقال سيد لأنه لم يطلب لنفسه مقاما، ولا شاهد لنفسه قدرا. ولما أخلص فى تواضعه للّه بكل وجه رقّاه على الجملة، وجعله سيدا للجميع.
وقوله «وَحَصُوراً» أي معتقا من الشهوات، مكفيا أحكام البشرية مع كونه من جملة البشر. ويقال متوقيا عن المطالبات، مانعا نفسه عن ذلك تعززا وتقربا، وقيل منعته استئصالات بواده الحقائق عليه فلم يبق فيه فضل لحظّ.
«وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» أي مستحقا لبلوغ رتبتهم.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٠]
قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠)
قيل كان بين سؤاله وبين الإجابة مدة طويلة ولذلك قال : أنّى يكون لى غلام؟
و يحتمل أنه قال : بأى استحقاق منى تكون لى هذه الإجابة لو لا فضلك؟
و يحتمل أنه قال أنّى يكون هذا : أعلى وجه التبني أم على وجه التناسل؟
و يحتمل أنه يكون من امرأة أخرى سوى هذه التي طعنت فى السن أو من جهة التّسرّى بمملوكة؟ أم من هذه؟
فقيل له : لا بل من هذه فإنكما قاسيتما وحشة الانفراد معا، فكذلك تكون بشارة الولد لكما جميعا.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤١]
قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ (٤١)
طلب الآية ليعلم الوقت الذي هو وقت الإجابة على التعيين لا لشك له فى أصل الإجابة.
وجعل آية ولايته «١» فى إمساك لسانه عن المخلوقين مع انطلاقها مع اللّه بالتسبيح، أي لا تمتنع عن خطابى فإنى لا أمنع أوليائى من مناجاتى.
(١) وردت (دلالته) وقد تكون مقبولة فى المعنى أيضا.