لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٠١
قوله جل ذكره : الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ.
أي بعد ما أزحتم عن قلوبكم آثار الحسبان، وتحققتم بأن المتفرد بالإبداع نحن، فلا تلاحظوا سواى، ولا يظلّلن قلوبكم إشفاق من غيرى.
ويقال إذا كانت البصائر متحققة بأن النّفع والضر، والخير والشر لا تحصل شظية منها إلا بقدرة الحق - سبحانه، فمن المحال أن تنطوى - من مخلوق - على رغب أو رهب.
قوله جل ذكره : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.
إكماله الدين - وقد أضافه إلى نفسه - صونه العقيدة عن النقصان وهو أنه لما أزعج قلوب المتعرفين لطلب توحيده أمّلها بأنوار تأييده وتسديده، حتى وضعوا النظر موضعه من غير تقصير، وحتى وصلوا إلى كمال العرفان من غير قصور.
ويقال إكمال الدّين تحقيق القبول فى المآل، كما أن ابتداء الدّين توفيق الحصول فى الحال فلولا توفيقه لم يكن للدين حصول، ولو لا تحقيقه لم يكن للدين قبول.
ويقال إكمال الدين أنه لم يبق شىء يعلمه الحق - سبحانه - من أوصافه وقد علّمك.
ويقال إكمال الدين أن ما تقاصر عنه عقلك من تعيين صفاته - على التفصيل - أكرمك بأن عرّفك ذلك من جهة الإخبار.
وإنما أراد بذكر «الْيَوْمَ» وقت نزول الآية. وتقييد الوقت فى الخطاب بقوله «الْيَوْمَ» لا يعود إلى عين إكمال الدّين، ولكن إلى تعريفنا ذلك الوقت.
والدّين موهوب ومطلوب فالمطلوب ما أمكن تحصيله، والموهوب ما سبق منه حصوله.
قوله جل ذكره : وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي.
النعمة - على الحقيقة - ما لا يقطعك عن المنعم بل يوصلك إليه، والنعمة المذكورة


الصفحة التالية
Icon