لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٠٨
و العدل أقرب إلى التقوى، والجور أقرب من الرّدى، ويوقع عن قريب فى عظيم البلوى.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٩]
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٩)
و المغفرة لا تكون إلا للذنب، فوصفهم بالأعمال الصالحات، ثم وعدهم المغفرة ليعلم أن العبد تكون له أعمال صالحة وإن كانت له ذنوب تحتاج إلى غفرانها، بخلاف ما توهّم من قال إن المعاصي تحبط الطاعات.
ويقال بيّن أن العبد وإن كانت له أعمال صالحة فإنه يحتاج إلى عفوه وغفرانه، ولو لا ذلك لهلك، خلافا لمن قال إنه لا يجوز أن يعذّب البريء ويجب أن يثيب المحسنين «١».
و يقال لو كان ثواب المحسنين واجبا، وعقوبة البريء غير حسنة لكان التجاوز عنه واجبا عليه، ولم يكن حينئذ فضل يمن به عليهم.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠)
لهم عقوبتان : معجلة وهى الفراق، ومؤجلة وهى الاحتراق.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ١١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)
يذكّرهم ما سلف لهم من نعم الدفع «٢» وهو ما قصر عنهم أيدى الأعداء، وذلك من أمارات
(١) يشير القشيري بذلك إلى أقوال المعتزلة بوجوب إثابة المطيع ومعاقبة العاصي - على اللّه، فلا وجوب - فى نظره - على اللّه، وإنما كل شىء منه فضل، ولا قيمة لعمل العبد بجانب هذا الفضل.
(٢) يميز القشيري بين نعمتين : نعمة دفع ونعمة نفع.