لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٠٩
العناية. ولقد بالغ فى الإحسان إليك من كان يظهر لك الغيب من غير التماس أو سبق شفاعة فيك، أو رجاء نفع من المستأنف «١» منك، أو حصول ربح فى الحال عليك، أو وجود حق فى المستأنف لك.
ثم قال :«وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» يعنى كما أحسنت إليكم فى السالف من غير استحقاق فانتظروا جميل إحسانى فى (الغابر) «٢» من غير (استيجاب) «٣».
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ١٢]
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٢)
يذكرهم حسن أفضاله معهم، وقبح (فعلهم) «٤» فى مقابلة إحسانه بنقضهم عهدهم.
وعرف المؤمنين - تحذيرا لهم - ألا ينزلوا منزلتهم فيستوجبوا مثل ما استوجبوه من عقوبتهم.
قوله جل ذكره : لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ.
أي لئن قمتم بحقي لأوصلن إليكم حظوظكم، ولئن أجللتم أمرى فى العاجل لأجلّن قدركم فى الآجل.
وإقامة الصلاة أن تشهد من تعبده، ولذا قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«اعبد اللّه كأنّك تراه».
ويقال إقامة الصلاة شرطها أن تقبل على من تناجيه بأن تستقبل القطر الذي الكعبة فيه.
وأمّا إيتاء الزكاة فحقّه أن تكسب المال من وجهه، وتصرفه فى حقه، ولا تمنع الحق

_
(١) أي ما يمكن أن نقدمه من طاعات فى المستقبل، فاللّه غنى عنه.
(٢) نرجح أنها (الحاضر) حتى ينسجم السياق فإن (الغابر) و(السالف) بمعنى (الماضي).
(٣) يعنى استحقاق. [.....]
(٤) وردت (فعلهم) بميم زائدة من الناسخ.


الصفحة التالية
Icon