لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤١٠
الواجب فيه عن أهله، ولا تؤخر الإيتاء عن وقته، ولا تحوج الفقير إلى طلبه فإنّ الواجب عليك أن توصل ذلك إلى مستحقه.
وتعزير «١» الرسل الإيمان بهم على وجه الإجلال، واعتناق أمرهم بتمام الجد والاستقلال، وإيثارهم عليك فى جميع الأحوال.
قوله جل ذكره : وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً.
الأغنياء ينفقون أموالهم فى سبيل اللّه، والفقراء يبدلون مهجتهم وأرواحهم فى طلب اللّه، (فأولئك) «٢» عن مائتى درهم يخرجون خمسة، وهؤلاء لا يدخرون عن أمره نفسا ولا ذرّة.
قوله جل ذكره : لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.
التكفير هو الستر والتغطية، وإنه يستر الذنوب حتى عن (العاصي) «٣» فيمحو من ديوانه، وينسى الحفظة سوالف عصيانه. وينفى عن قلبه تذكر ما أسلفه، ولا يوقفه فى العرصة على ما قدّم من ذنبه، ثم بعد ذلك يدخله الجنة بفضله كما قال :«وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ»، كما قيل :
و لما رضوا بالعفو عن ذى زلة حتى أنالوا كفّه وازدادوا
قوله جل ذكره : فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ.
فمن جحد هذه الأيادى بعد اتضاحها فقد عدل عن نهج أهل الوفاء، وحاد عن سنن أصحاب الولاء.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ١٣]
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)
جعل جزاء العصيان الخذلان للزيادة فى العصيان.
(١) وردت (و تعزم) والصحيح (و تعزير) والعزر في اللغة الرد ومعناها هنا رددتم عنهم أعداءهم ونصرتموهم.
(٢) وردت (فهؤلاء) وقد جعلناها أولئك إشارة إلى البعيد ليتميز كل فريق.
(٣) وردت (المعاصي) بالميم والصواب بدونها فهكذا يتطلب السياق.