لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤١٦
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢١]
يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١)
من الفرق بين هذه الأمة وبين بنى إسرائيل أنه أباح لهم دخول الأرض المقدسة على الخصوص فقال :«يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ» ثم إنهم لم يدخلوها إلا بعد مدة، وبعد جهد وشدة، وقال فى شأن هذه الأمة «وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ» «١» فأولئك كتب لهم دخول الأرض كتابة تكليف ثم قصروا، وهذه الأمة كتب لهم جميع الأرض على جهة التشريف، ثم وصلوا إلى ما كتب لهم وما قصروا.
وقال :«ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ.....» وقال لهذه الأمة :«هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ» «٢» فهؤلاء ذلّل لهم وسهّل عليهم، وأولئك صعّب عليهم الوصول إلى ما أمرهم فيما أنزل اللّه عليهم.
قوله جل ذكره : وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ.
الارتداد على قسمين : عن الشريعة وإقامة العبودية وذلك يوجب عقوبة النفوس بالقتل، وعن الإرادة وذلك يوجب الشّقوة - التي هى الفراق - على القلوب.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٢]
قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢)
لاحظوا الأغيار بعين الحسبان فتوهموا أن شيئا من الحدثان، وداخلتهم هواجم الرعب فأصروا على ترك الأمر. ومن طالع الأغيار بأنوار البصائر شاهدهم فى أسر التقدير قوالب متعرية عن إمكان الإيجاد، ولم يقع على قلبه ظلّ التّوهم.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٣]
قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣)
(١) آية ٠٥١ سورة الأنبياء. [.....]
(٢) آية ١٥ سورة الملك.