لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤١٧
أنعم اللّه (عليهما) «١» بأنوار العرفان فلم يحتشما من المخلوقين، وعلما أن من رجع إليه بنعت الاستكفاء تداركته عواجل الكفاية ثم قال :
(وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أي من شأن المؤمنين أن يتوكلوا، وينبغى للمؤمن أن يتوكل.
ويحتمل أن يقال التوكل من شرط الإيمان. وظاهر التوكل الذي لعوام المؤمنين العلم بأن قضاءه لا رادّ له، وحقائق التوكل ولطائفه التي لخواص المؤمنين شهود الحادثات باللّه ومن اللّه وللّه، فإنّ من فقد ذلك انتفى عنه اسم الإيمان.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٤]
قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤)
من أقصته سوابق التقدير لم يزده تواتر (العظة) «٢» إلا نفورا وجحودا.
قوله جل ذكره : فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ.
تركوا آداب الخطاب فصرّحوا ببيان الجحد ولم يحتشموا من مجاهرة الرد.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٥]
قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥)
لما ادّعى أنّه يملك نفسه عرف عجزه عن ملكه لنفسه حيث أخذ برأس أخيه يجرّه إليه.
ويقال لا أملك إلا نفسى أي لا أدخرها عن البذل فى أمرك. لا أملك إلا أخى فإنه لا يؤثر نفسه عن الذي أكلفه من قبلك.
١) (عليهما) زيادة أضفناها ليتضح المعنى.
(٢) وردت (العظمة) والمعنى يرفضها ويتطلب (العظة) التي وردت فى الآيات السابقة.