لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤١٨
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٦]
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦)
مجاهرة الرد تعجّل العقوبة فإن من ماكر الحقيقة أبدت الحقيقة له من مكامن التقدير ما يلجئه إلى التطوّح فى أوطان الذّلّ.
ويقال حيّرهم فى مفاوزهم حتى عموا عن القصد فصاروا يبيتون حيث يصبحون، بعد طول التعب وإدامة السير، وكذلك من حيّره اللّه فى مفاوز القلب يتقلب ليلا ونهارا فى مطارح الظنون ثم لا يحصل إلا على مناهل الحيرة، فيحطون بحيث يرحلون عنها، فلا وجه للرأى الصائب يلوح لهم، ولا خلاص من بعده للتجويز يساعدهم، والذي التجأ إلى شهود الصمدية استراح عن نقلة فكره، ووقع فى روح الاستبصار بعد أتعاب التوهم.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٧]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)
كانت الدنيا بحذافيرها فى أيديهما فحسد أحدهما صاحبه، فلم يصبر حتى أسرع فى شىء بإتلافه، وحين لم يقبل قربانه اشتد حسده على صاحبه، ورأى ذلك منه فهدّده بالقتل.
فأجابه بنطق التوحيد.
قوله جل ذكره : قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.
يعنى إنما يتقبّل القربان ممّن «١» طالع فى القربان مساعدة القدرة، وألقى توهّم كونه باستحقاقه واستيجابه.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٨]
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (٢٨)
.
(١) وردت (من) وهى خطأ فى النسخ.