لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٢٨
قدّم تعريفه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قصص الأولين على تكليفه باتباع ما أنزل اللّه عليه لئلا يسلك سبيل من تقدّمه فيستوجب ما استوجبوه.
قوله جل ذكره : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً، وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً، وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ.
لا تتملكك مودة قريب أو حميم، واعتنق ملازمة أمر اللّه - تبارك وتعالى - بترك كل نصيب لك.
ثم قال :«لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً» يعنى طريقة وسنّة أي أفردنا كلّ واحد منكم - معاشر الأنبياء - بطريقة، (و أمّا «١») أنت فلا يدانيك فى طريقتك أحد، وأنت المقدّم على الكافة، والمفضّل على الجملة، ولو شاء اللّه لسوّى مراتبكم، ولكن غاير بينكم ابتلاء، وفضّل بعضكم على بعض امتحانا.
قوله جل ذكره : فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.
مسارعة كل أحد على ما يليق بوقته فالعابدون تقدمهم من حيث الأوراد، والعارفون همتهم من حيث المواجد «٢».
ويقال استباق الزاهدين برفض الدنيا، واستباق العابدين بقطع الهوى، واستباق العارفين بنفي المنى، واستباق الموحدين بترك الورى، ونسيان الدنيا والعقبى.

_
(١) وردت (و لما) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) وقع الناسخ فى تكرار عبارة (و العارفون..) فحذفناها


الصفحة التالية
Icon