لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٧٤
يعنى ليس أمرنا لهم إلا بالتزام ما فيه تجاتهم، ثم بجميل الوعد لهم، ومفارقة ما فيه هلاكهم، ثم بأليم العقوبة فى الآجل ما يحصل من خلافهم.
فمن آمن وصدّق أنجزنا له الوعد، ومن كفر وجحد عارضنا عليه الأمر، وأدخلنا عليه الضّر.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٥٠]
قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)
يعنى قل لهم إنى لا أتخطى خطى، ولا أتعدّى حدّى، ولا أثبت من ذات نفسى شيئا، وإنما يقال لى أ بلّغت؟ وأقول : أجل، أوصلت.
ثم قال :«قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ» : هل يتشاكل الضوء والظلام؟ وهل يتماثل الجحد والتوحيد؟ كلا... لا يكون ذلك.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٥١]
وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١)
الإنذار إعلام بمواضع الخوف، وإنما خص الخائفين بالإنذار كما خصّ المتقين بإضافة الهدى إليهم حيث قال :«هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» لأن الانتفاع والاتّباع بالتقوى، والإنذار اختص بهم.
ويقال : الخوف هاهنا العلم، وإنما يخاف من علم، فأمّا القلوب التي هى تحت غطاء الجهل فلا تباشرها طوارق الخوف.
قوله :«مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفِيعٍ» يعنى كما أنه لا ناصر لهم من الأغيار فلا معتمد لهم من أفعالهم، ولا مستند من أحوالهم، ولا (يؤمنون) «١» شيئا سوى صرف العناية وخصائص الرحمة.
(١) الصواب أن تكون (يأمنون) لأن ما بعدها منصوب، ولو كانت يؤمنون لكان ما بعدها مجرورا، والسياق يقوى اختيار (يأمنون).