لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٥٠
قصودنا إليك عن دنس الآثار، ورقّنا عن منازل الطلب والاستدلال إلى جمع ساحات القرب والوصال.
[فصل ] حل بيننا وبين مساكنة «١» الأمثال والأشكال، بما تلاطفنا به من وجود الوصال، وتكاشفنا به من شهود الجلال والجمال.
[فصل ] أرشدنا إلى الحق لئلا نتكل على وسائط المعاملات، ويقع على وجه التوحيد غبار الظنون وحسبان الإعلال.
«اهدنا الصراط المستقيم» أي : أزل عنّا ظلمات أحوالنا لنستضىء «٢» بأنوار قدسك عن التفيؤ بظلال طلبنا، وارفع عنا ظل جهدنا لنستبصر بنجوم جودك، فنجدك بك.
[فصل ] اهدنا الصراط المستقيم حتى لا يصحبنا قرين من نزغات الشيطان ووساوسه، ورفيق من خطرات النفوس وهواجسها، أو يصدنا عن الوصول تعريج فى أوطان التقليد، أو يحول بيننا وبين الاستبصار ركون لى معتاد من التلقين، وتستهوينا آفة من نشو أو هوادة، وظن أو عادة، وكلل أو ضعف إرادة، وطمع مال أو استزادة.
فصل ] الصراط المستقيم ما عليه من الكتاب والسنة دليل، وليس للبدعة عليه سلطان ولا إليه سبيل. الصراط المستقيم ما شهدت بصحته دلائل التوحيد، ونبهت عليه شواهد التحقيق. الصراط المستقيم ما درج عليه سلف الأمة، ونطقت بصوابه دلائل العبرة.
الصراط المستقيم ما باين الحظوظ سالكه، وفارق «٣» الحقوق قاصده. الصراط المستقيم ما يفضى بسالكه إلى ساحة التوحيد، ويشهد صاحبه أثر العناية والجود، لئلا يظنّه موجب (ببذل) «٤» المجهود.
(١) وردت (ساكنة) والأصح بالميم فقد جاءت كذلك فى مواضع كثيرة أخرى.
(٢) وردت خطأ (لنصتضى ء).
(٣) وردت (و فارن) فى ص، والأصح أن تكون بالقاف فالحظوط للعبد والحقوق للحق.
(٤) وردت (بذل) بدون باء والأقوى فى رأينا أن تكون بالباء وأن نقرأ موجب بفتح الجيم أي مستحق، وبذلك يتضح موقف القشيري من قضية هامة وهى هل يجب على اللّه أن يثيب المطيع؟ ولا يرى القشيري هذا الوجوب لأنه يربط كل عمل للعبد بالعناية الإلهية لا بالمجهود الإنسانى. وقد صدق الرسول (ص) حين قال :«ما منكم من أحد ينجيه عمله، قالوا : ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال : ولا أنا، إلا أن يتغمدنى اللّه برحمته».