لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٦١٩
أموالكم وأولادكم سبب فتنتكم لأن المرء - لأجل جمع ماله ولأجل أولاده - يرتكب ما هو خلاف الأمر، فيورثه فتنة العقوبة.
ويقال الفتنة الاختبار فيختبرك بالأموال.. هل تؤثرها على حقّ اللّه؟
و بالأولاد.. هل تترك لأجلهم ما فيه رضاء اللّه؟
فإن آثرتم حقّه على حقّكم ظهرت به فضيلتكم، وإن اتصفتم بضدّه عوملتم بما يوجبه العكس من محبوبكم.
ويقال المال فتنة إذا كان عن اللّه يشغلكم، والأولاد فتنة إذا لأجلهم قصّرتم فى حقّ اللّه أو فرّطتم.
ويقال المال - ما للكفاف والعفاف «١» - نعمة، وما للتقاصر والتفاخر فتنة، وفى الجملة ما يشغلك عن اللّه فهو فتنة.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)
«٢» الفرقان ما به يفرق بين الحق والباطل من علم وافر وإلهام قاهر، فالعلماء فرقانهم مجلوب برهانهم، والعارفون فرقانهم موهوب «٣» عرفانهم فأولئك مع مجهود أنفسهم، وهؤلاء بمقتضى جود ربّهم.
العرفان تعريف من اللّه، والتكفير «٤» تخفيف من اللّه، والغفران تشريف للعبد من اللّه.
(١) وردت (و العقاب) وهى خطا من الناسخ إذ لا تؤدى المراد، ونظن أن (العفاف) تنسجم مع السياق، ومع التركيب الداخلى للأسلوب.
(٢) أخطأ الناسخ إذ جعل خاتمة الآية (و اللّه سميع عليم).
(٣) وردت (موهوم) وهى خطأ من الناسخ، والصواب أن تكون (موهوب) فهكذا يتطلب السياق.
(٤) (التكفير) هنا تشير الى ما ورد فى الآية :«وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ».