لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٦٧
و يحلفون باللّه لو استطعنا لخرجنا معكم، يهلكون أنفسهم، ويسعون فى الخطر بأيمانهم «١» :
إن الكريم إذا حباك بودّه ستر القبيح وأظهر الإحسانا
و كذا الملول «٢» إذا أراد قطيعة ملّ «٣» الوصال وقال كان وكانا
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٠]
يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)
من تمام مثل المنافقين - كذلك أصحاب الغفلات - إذا حضروا مشاهد الوعظ، أو جنحت «٤» قلوبهم إلى الرقة، أو داخلهم شىء من الوهلة تقرب أحوالهم من التوبة، وتقوى رغبتهم فى الإنابة حتى إذا رجعوا إلى تدبرهم، وشاوروا إلى قرنائهم، أشار الأهل والولد عليهم بالعود إلى دنياهم، وبسطوا فيهم لسان النصح، وهدّدوهم بالضعف والعجز، فيضعف قصودهم، وتسقط إرادتهم، وصاروا كما قيل :
إذا ارعوى، عاد إلى جهله كذى الضنى عاد إلى نكسة
و قال :«و لو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم» يعني سمع المنافقين الظاهر وأبصارهم الظاهرة، كما أصمهم وأعماهم بالسر، فكذلك أرباب الغفلة، والقانعون من الإسلام بالظواهر - فاللّه تعالى قادر على سلبهم التوفيق فيما يستعملونه من ظاهر الطاعات، كما سلبهم التحقيق فيما يستبطنونه من صفاء الحالات.
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢١]
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)
العبادة موافقة الأمر، وهى استفراغ الطاقة فى مطالبات تحقيق الغيب، ويدخل فيه التوحيد بالقلب، والتجريد بالسر، والتفريد بالقصد، والخضوع بالنفس، والاستسلام للحكم.
ويقال اعبدوه بالتجرد عن المحظورات، والتجلد فى أداء الطاعات، ومقابلة الواجبات
(١) جمع يمين ومعناها هنا اليد. [.....]
(٢) وردت (الملوك) وهى خطأ فى النسخ.
(٣) وردت (ملا) وهى خطأ فى النسخ.
(٤) وردت في ص (جنهت) وهى خطأ فى النسخ.