لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٧٠
قوله جل ذكره :
[سورة يوسف (١٢) : آية ٨]
إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨)
عرّفوا على ما ستروه من الحسد، ولم يحتالوا فى إخراج ذلك من قلوبهم بالوقيعة فى أبيهم حتى قالوا :«إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ».
ويقال لمّا اعترضوا بقلوبهم على أبيهم فى تقديم يوسف فى المحبة عاقبهم بأن أمهلهم «١» حتى بسطوا فى أبيهم لسان الوقيعة فوصفوه بلفظ الضلال، وإن كان المراد منه الذهاب فى حديث يوسف عليه السلام. ولمّا حسدوا يوسف على تقديم أبيهم له لم يرض - سبحانه - حتى أقامهم بين يدى يوسف عليه السلام، وخرّوا له سجّدا ليعلموا أنّ الحسود لا يسود.
ويقال أطول الناس حزنا من لاقّى الناس عن مرارة، وأراد تأخير من قدّمه اللّه أو تقديم من أخّره اللّه فإخوة يوسف - عليه السلام - أرادوا أن يجعلوه فى أسفل الجبّ فرفعه اللّه فوق السرير! قوله جل ذكره :
[سورة يوسف (١٢) : آية ٩]
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩)
أي يخلص لكم إقبال أبيكم عليكم، وقديما قيل : من طلب الكلّ فاته الكلّ فلمّا أرادوا أن يكون إقبال يعقوب - عليه السلام - بالكليّة - عليهم قال تعالى :
«فَتَوَلَّى عَنْهُمْ».
ويقال كان قصّدهم ألا يكون يوسف أمام عينه فقالوا : إمّا القتل وإمّا النّفى، ولا بأس بما يكون بعد ألا يكون يوسف عليه السلام.
قوله جل ذكره : وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ عجّلوا بالحرام، وعلّقوا التوبة بالتسويف والعزم، فلم يمح ما أجّلوا من التوبة ما عجّلوا من الحوبة.
(١) وردت (أهملهم) وهى خطأ في النسخ لأن اللّه لا يهمل ولكن يمهل، والسياق يقتضى (الإمهال).