لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٧٤
لم يؤثّر تزوير قاليهم فى إيجاب تصديق يعقوب - عليه السلام لكذبهم بل أخبره قلبه أنّ الأمر بخلاف ما يقولونه فقال :
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ.
فعلم على الجملة وإنّ لم يعلم على التفصيل.. وهكذا تقرع قلوب الصديقين عواقب الأمور على وجه الإجمال، إلى أنّ تتّضح لهم تفاصيلها فى المستأنف.
ويقال عوقبوا على ما فعلوه بأن أغفلوا عن تمزيق قميصه حتى علم يعقوب تقوّلهم فيما وصفوا.
قوله جل ذكره :
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٩]
وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَ أَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩)
ليس كلّ من طلب شيئا يعطى مراده فقط بل ربما يعطى فوق مأموله كالسيارة كانوا يقنعون بوجود الماء فوجدوا يوسف عليه السلام.
و يقال ليس كل من وجد شيئا كان كما وجده السيارة توهموا أنهم وجدوا عبدا مملوكأ وكان يوسف - فى الحقيقة - حرّا «١».
ويقال لمّا أراد اللّه تعالى خلاص يوسف - عليه السلام - من الجبّ أزعج خواطر السّيارة فى قصد السفر، وأعدمهم الماء حتى احتاجوا إلى الاستقاء ليصل يوسف عليه السلام إلى الخلاص، ولهذا قيل : ألا ربّ تشويش يقع فى العالم والمقصود منه سكون واحد.
كما قيل : ربّ ساع له قاعد.
قوله جل ذكره
[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٠]
وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)
لم يعرفوا خسرانهم فى الحال ولكنهم وقفوا عليه فى المآل.
(١) أي ربما تكون حقيقة النعمة أعظم من ظاهرها.