لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٧٥
و يقال قد يباع مثل يوسف عليه السلام بثمن بخس، ولكن إذا وقعت الحاجة إليه فعند ذلك يعلم ما يلحق من الغبن.
ويقال لم يحتشموا من يوسف - عليه السلام - يوم باعوه بثمن بخس، ولكن لمّا قال لهم : أنا يوسف - وقع عليهم الخجل. ولهذا قيل : كفى للمقصر الحياء يوم اللقاء.
ويقال لمّا خرّوا له سجّدا علموا أنّ ذلك جزاء من باع أخاه بثمن بخس.
ويقال لمّا وصل الناس إلى رفق يوسف عاشوا فى نعمته، واحتاجوا إلى أن يقفوا بين يديه فى مقام الذّلّ قائلين «مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ»، وفى معناه أنشدوا :
ستسمع بي وتذكرنى وتطلبنى فلا تجد
و يقال ليس العجب ممن يبيع مثل يوسف - عليه السلام - بثمن بخس إنما العجب ممن (...) «١» مثل يوسف - عليه السلام - بثمن بخس، لا سيّما «وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ» (الخرق لا غاية له، وكذا العجب لا نباته له) «٢».
ويقال ليس العجب ممن يبيع يوسف - عليه السلام - بثمن بخس، إنّما العجب ممن يبيع وقته الذي أعزّ من الكبريت الأحمر بعرض حقير من أعراض الدنيا.
و يقال إنّ السيارة لم يعرفوا قيمته فزهدوا فى شرائه بدراهم، والذين وقفوا على جماله وشىء من أحواله غالوا - بمصر - فى ثمنه حتى اشتروه بزنته دراهم ودنانير مرات - كما فى القصة «٣»، وفى معناه أنشدوا :
إنّ كنت عندك يا مولاى مطّرحا فعند غيرك محمول على الحدق «٤»
قوله جل ذكره :
[سورة يوسف (١٢) : آية ٢١]
وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١)

_
(١) هنا كلمة فى الكتابة هكذا (بحل) ولا ندرى كيف نصرفها إلى إنجاه يخدم المعنى.
(٢) ما بين القوسين ورد هكذا فى (ص) وفيه التباس ناشىء عن سوء النسخ.
(٣) يقال إن العزيز اشتراء بزنته ورقا وحريرا ومسكا.
(تفسير النسفي ج ٢ ص ٢١٦ ط عيسى الحلبي)
(٤) الحدق جمع حدقة وهى السواد المستدبر وسط للعين.


الصفحة التالية
Icon