لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٢٤
هذه الآية تشتمل على أمثال ضربها اللّه لتشبيه القرآن المنزّل بالماء المنزّل من السماء، وشبّه القلوب بالأودية، وشبّه وساوس الشيطان وهواجس النّفس بالزّبد الذي يعلو الماء، وشبّه الخلق «١» بالجواهر الصافية من الخبث كالذهب والفضة والنحاس وغيرها، وشبّه الباطل بخبث هذه الجواهر. وكما أن الأودية مختلفة فى صغرها وكبرها وأن بقدرها تحتمل الماء فى القلة والكثرة - كذلك القلوب تختلف فى الاحتمال على حسب الضعف والقوة. وكما أن السيل إذا حصل فى الوادي يطهّر الوادي فكذلك القرآن إذا حصل حفظه فى القلوب نفى الوساوس والهوى عنها، وكما أنّ الماء، قد يصحبه ما يكدره، ويخلص بعضه مما يشوبه - فكذلك الإيمان وفهم القرآن فى قلوب المؤمنين حين تخلص من نزغات الشيطان ومن الخواطر الرّديّة، فالقلوب بين صاف وكدر.
وكما أنّ الجواهر التي تتخذ منها الأوانى إذا أذيبت خلصت من الخبث كذلك الحق يتميز من الباطل، ويبقى الحقّ ويضمحل الباطل.
ويقال إن الأنوار إذا تلألأت فى القلوب نفت آثار الكلفة، ونور «٢» اليقين ينفى ظلمة الشك، والعلم ينفى تهمة الجهل، ونور المعرفة ينفى أثر النكرة، ونور المشاهدة ينفى آثار البشرية،

_
(١) هكذا فى المصورة ونرجح أنها (الحق) ليقابل (الباطل) كما تقابل الجواهر الصوفية الخبث - ويزيد من قوة هذا الترجيح ما سيأتى بعد قليل عند (التمييز بين الحق والباطل).
(٢) وردت (و نون) وهى خطأ فى النسخ.


الصفحة التالية
Icon