لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٢٥
و أنوار الجمع تنفى آثار التفرقة. وعند أنوار الحقائق تتلاشى آثار الحظوظ، وأنوار طلوع الشمس من حيث العرفان تنفى صدفة الليل من حيث حسبان أثر الأغيار.
ثم الجواهر التي تتخذ منها الأوانى مختلفة فمن إناء يتخذ من الذهب وآخر من الرصاص، إلى غيره - كذلك القلوب تختلف، وفى الخبر : إن للّه تعالى أوانى وهى القلوب» فزاهد قاصد ومحب واجد، وعابد خائف وموحّد عارف، ومتعبّد متعفّف ومتهجّد متصوف، وأنشدوا :
ألوانها شتّي الفنون وإنما تسقى بماء واحد من منهل
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٨]
لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ (١٨)
«الْحُسْنى » «١» : الوعد بقبول استجابتهم، وذلك من أجلّ الأشياء عندهم فلا شىء أعزّ على المحبّ من قبول محبوبه منه شيئا.
أما الذين لم يستجيبوا له فلو أنّ لهم جميع ما فى الأرض وأنفقوه عمدا لا يقبل منهم، ولهم سوء الحساب، وهو المناقشة فى الحساب، ثم مأواهم جهنم ودوام العذاب.
قوله جل ذكره :
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٩]
أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩)
«٢» استفهام فى معنى النفي، أي لا يستوى البصير والضرير، ولا المقبول بالمردود بالحجبة، ولا المؤمّل بالتقريب بالمعرّض للتعذيب، ولا الذي أقصيناه عن شهودنا بالذي هديناه

_
(١) يرى النسفي أن (الحسنى) هنا صفة للمصدر أي استجابوا الاستجابة الحسنى.
(٢) أخطأ الناسخ إذ جعلها (أ فلم).


الصفحة التالية
Icon